بقلم : محمود خليل
لأكثر من مرة على مدار الأيام الماضية أكد وزير التربية والتعليم أن امتحانات الفصل الدراسى الأول سوف تعقد فى موعدها، ودعا الطلاب إلى الاستعداد لها بالمذاكرة الجادة.. ورغم ذلك لا يزال الكثيرون لا يصدقون ذلك ويؤكدون -بالتخمين وليس بالمعلومة- أن الامتحانات لن تعقد عقب انتهاء إجازة منتصف العام 20 فبراير.
مفارقة واضحة تبدو بين معلومات الوزير وتخمينات أو استنتاجات الرأى العام.. وهى مفارقة تعكس حالة من حالات انعدام الثقة بين المواطن والمسئول.
أساس المفارقة هنا يرتبط بالتجربة.. فلو راجع وزير التربية والتعليم تصريحاته حول احتمالية تعليق الدراسة وتأجيل امتحانات الفصل الدراسى الأول وتأكيده المستمر على أن هذا الأمر غير وارد فسوف يدرك سبب عدم ثقة الرأى العام فى معلوماته التى يؤكد فيها أن امتحانات الفصل الدراسى الأول سوف تعقد فى موعدها.
فى أكثر من تصريح أكد الدكتور طارق شوقى أن الدراسة لن تتوقف وأنها مستمرة، دون التفات إلى حالة القلق المسيطرة على الأسر المصرية من نزول أولادهم إلى المدارس مع وجود احتمالات للعدوى بفيروس كورونا، ودعا أولياء الأمور -فى أكثر من مناسبة- إلى التأكد من عدم وجود نية لترحيل موعد امتحانات التيرم الأول، ليفاجأ الناس مطلع شهر يناير بقرار حكومى يقضى بإغلاق المدارس والجامعات حتى العشرين من فبراير بهدف كبح تفشى فيروس كورونا.
واللافت أن الأرقام المعلنة حول معدلات الإصابة أو الوفيات بفيروس كورونا والصادرة عن وزارة الصحة (رغم عدم ثقة البعض أيضاً فيها) أخذت فى الانخفاض بعد قرار إغلاق المدارس والجامعات.
المسئول بحاجة إلى بناء جسر ثقة بينه وبين المواطن، لأن المشاركة الإيجابية من جانب المجموع عنصر مهم للمواجهة الناجحة لأية مشكلة أو أزمة، ولكى يتحقق ذلك لا بد أن يتحرر المسئولون من آفتين: الاستعلاء والإنشاء.
علاقة المسئول بالرأى العام يجب ألا تكون محكومة بمنطق الفرمانات أو نظرية «نفِّذ ما يملى عليك». فالمسئول فى النهاية هو مواطن يعانى مما يعانى منه كل المواطنين، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالخوف من الإصابة بفيروس قاتل مثل كورونا.
لغة التواصل بين المسئول والمواطن لا بد أن تكون أكثر تواضعاً مما هى عليه حالياً، وأن تبتعد قدر الإمكان عن الأداء الاستعلائى الذى يحس فيه المواطن بأن المسئول يكلمه من طرف أنفه.
العلاقة لا بد أن تتأسس أيضاً على تزويد المواطن بالمعلومات الدقيقة الصحيحة وليس بالبيانات الإنشائية التى توزع على مجموعة الصحفيين الذين يعملون مع المعية السامية لجناب المستشار الإعلامى لأى وزارة، ليتولوا بعد ذلك نشرها على الجمهور.
فكرة البيان الصحفى تنفى مبدأ التفاعل مع المسئول وطرح أسئلة الرأى العام عليه ليقدم إجابة عنها، بحكم أنه الجهة الوحيدة التى تملك المعلومات حول الأحداث المتعلقة بمجال عمله.
مصداقية المعلومة وتكاملها فى الإجابة عن تساؤلات المواطن تؤدى إلى طمأنته. القلق يظهر دائماً فى حالات الغموض.. فالأحداث الغامضة التى لا تتوافر معلومات عنها هى أكثر ما يثير القلق داخل نفوس الناس.
تطوير الأداء على هذا المستوى بات ضرورة.