منذ نشأتها كان العرق الأبيض هو المسيطر على الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بمرور الوقت ومع اتساع الأرض المزروعة، وتنوع الثروات، وتعدد الفرص كان من الطبيعى أن يستقبل المجتمع الذى نشأ فى العالم الجديد بشراً ينتمون إلى أعراق أخرى.
وجود الأفارقة داخل المجتمع الأمريكى ارتبط بفترة العبودية والحاجة إلى أيدٍ عاملة تعمل فى المزارع الشاسعة التى تتمدد فى الولايات بالإضافة إلى العمل فى المجالات الأخرى.
العرق الآسيوى شهد حضوراً متسعاً أيضاً داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فالهنود والصينيون يتمتعون بوجود كبير داخل العديد من المجالات.
الصينيون على وجه خاص يشكلون تهديداً خطيراً للأمريكان، خصوصاً على المستويات التجارية، فقد نقلت العديد من الشركات الأمريكية نشاطها إلى الصين للتمتع بميزة العمالة الرخيصة التى تتزاحم فى الصين، وانتقلت معهم التكنولوجيا الأمريكية، وحقوق ملكيتهم الفكرية أيضاً.
والبضائع التى أُنتجت فى الصين تملأ الأسواق الأمريكية، فى وقت خسر فيه الأمريكان الوظائف بسبب نقل أنشطة المصانع والشركات إلى الصين، حيث العمالة الأرخص.
العرق العربى أيضاً له حضوره داخل الولايات المتحدة الأمريكية. فمنذ أواخر الستينات ومطلع السبعينات من القرن الماضى، استقبلت الولايات المتحدة العديد من المهاجرين من جنسيات عربية مختلفة.
وخلال السنوات الأخيرة حدث نوع من التغلغل للمال العربى داخل أروقة الولايات المتحدة الأمريكية. ولعلك تسمع عن شركات العلاقات العامة الأمريكية التى تقوم بخدمات تحسين الصورة مقابل مدفوعات معينة. ولا يخفى عليك الدور الذى يقوم به أعضاء كونجرس سابقون وحاليون فى هذا السياق.
المتجول فى واشنطن يلاحظ تعدد العرقيات والجنسيات التى تعيش تحت المظلة الأمريكية، وتنشط فى مجالات عديدة.
بعض الأمريكيين ذوى الأصول البيضاء ينظرون إلى العرقيات ذات الأعداد المتزايدة بعين الحذر وأحياناً الغضب، خصوصاً أن من يحصل على الجنسية يصبح له حق التصويت فى الانتخابات، ويرى هؤلاء الأمريكيون أنه بمرور الوقت يمكن أن يتحكم هؤلاء فى تركيبة وشكل حكام الولايات المتحدة.
أنصار العرق الأبيض يرون أن أبناء الأعراق الأخرى، خصوصاً العرق الأفريقى، كان لهم الدور الأهم فى الصعود ببايدن إلى سدة الحكم.
الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته دونالد ترامب واحد من أشد المؤمنين بهذه الأفكار، ويعد الممثل الرسمى لأنصار العرق الأبيض داخل تركيبة الحكم، وهو لا يتردد فى العمل مع جماعات اليمين المتطرف التى تروج لفكرة «تفوق العنصر الأبيض»، وتقاوم فكرة تغلغل وسيطرة وتحكم أصحاب العرقيات الأخرى فى المجتمع الأمريكى.
منذ بضعة أيام احتفل «ترامب» مع أنصاره بالانتهاء من بناء 450 ميلاً من الجدار العازل الذى يفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، ويمنع مهاجرى الدولة الأخيرة من دخول أمريكا.
الكلمة التى ألقاها «ترامب» أمام الجدار العازل، قد تكون كلمته الأخيرة الرسمية، واختيار المكان يحمل دلالة واضحة على أن الإصرار على حماية العنصر الأبيض وعنصرية النظرة إلى غيره من الأعراق سيظل قائماً، حتى بعد خروج «ترامب» من البيت الأبيض.
جدار ترامب بما يحمله من رمزية تفصل بين العرق الأبيض وغيره من العرقيات سيظل مؤثراً فى حياة الأمريكيين لمدى قد يطول. إنه «الإسفين» الذى وضعه ترامب للديمقراطيين قبل تسلم الحكم.