توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخلوة.. ونداء «الوحدانية»

  مصر اليوم -

الخلوة ونداء «الوحدانية»

بقلم: د. محمود خليل

كانت الخلوة جزءاً من حياة النبى صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها. فقبل البعثة دأب على الصعود إلى جبل حراء والإيواء إلى غار فيه، ليقضى الساعات، وأحياناً الأيام، متأملاً فى ملكوت السموات والأرض، متفكراً فى أحوال قومه ممن باعوا عقلهم فى أقرب سوق متعة، والتصق أغلبهم بأردأ القيم الأرضية.

التأمل فى ملكوت الله كان خيطاً يربط ما بين النبى محمد وأبو الأنبياء إبراهيم «وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ».

كان كل شىء يبصره النبى وهو يشخص ببصره إلى السماء أو ينظر إلى الأرض يشهد على خالق قدير مقتدر أحسن كل شىء صنعاً فى هذه الحياة، ثم أتت يد الإنسان فأفسدتها.

يترك السماء وما حوله فوق الجبل، ويطلق لعينيه الحرية فى التجول والنظر إلى تلك المدينة القابعة فى سفح الجبل، ثم يزفر أنفاسه فى حسرة على ما وصل إليه أهلها من فساد فى النظرة إلى الحياة، وإلى أنفسهم، وإلى بعضهم البعض، وإلى الخالق الذى منحهم الحياة.

لم يكن النبى فى هذه اللحظة يملك أكثر من الاسترجاع والتوجع. كان يسترجع ما يراه من أحوال المجتمع المكى وهو يتجول بين أهله وأسواقه وطرقاته، وهو يجلس بين المكيين متناولاً طعامه «مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى الْأَسْوَاقِ»، ثم يتوجع على ما وصلوا إليه من اختلال فى ميزان التفكير والقيم والأخلاق والمعتقد، وتردد نفسه الطاهرة: «يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ».

كثيراً ما فكر محمد صلى الله عليه وسلم فى السر الذى يدفع الإنسان إلى الفساد فى الحياة وإفسادها دون أن يصل إلى تفسير. ما أكثر ما ناجى السماء كى تساعده على الفهم، ودعاها إلى الأخذ بيده، حتى استجاب له خالق السموات والأرض «فَأَوْحَى إِلَى عَبْده مَا أَوْحَى».

«الشرك» كلمة واحدة حملت الإجابة والتفسير لحالة الفساد والإفساد فى الحياة. إنه «الشرك». أشركت «مكة» ففسد أمرها وارتبكت أحوالها.

فالشرك أحال مكة إلى «مجتمع عبيد». كبار السادة والتجار يقضون نهارهم فى استعباد الرجال والنساء ممن ملكت أيمانهم، واستعباد الزبائن بالأسعار الباهظة حتى تتراكم الثروات وتعلو، حتى الآلهة التى زعموا أنهم يعبدونها من دون الله كانوا يستعبدونها ويشترون دعمها المزعوم بالقرابين.

وفى نهاية اليوم يعود السيد أو التاجر الكبير إلى بيته لتستعبده زوجته. انظر كيف كان أبوسفيان -سيد مكة- يرضخ لزوجته «هند»، وكيف كان «أبولهب» عبداً لزوجته أم جميل بنت حرب شقيقة أبى سفيان.

كل أهل مكة كانوا متفقين على رذيلة وأد البنات فى النهار، ولكنهم يسارعون فى الليل إلى الخيمات التى تعلوها الرايات الحمر، وفى الأسواق إلى شراء الجوارى.

فى يوم تجدهم مؤتمرين لتكوين حلف الفضول الداعى إلى إحقاق الحق ونصرة المظلوم، وفى اليوم التالى تهيج عليهم عصبيتهم فيسفكون دماء بعضهم البعض لأتفه الأسباب، حتى ولو كان «رهاناً» على حصانين فى سباق عدو.

هدت السماء محمداً صلى الله عليه وسلم إلى السر، وحددت له المهمة، فنزل من جبل حراء إلى بقاع مكة، وبدأ رحلة النضال من أجل الوحدانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخلوة ونداء «الوحدانية» الخلوة ونداء «الوحدانية»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon