بقلم: د. محمود خليل
عملياً لا توجد دولة آمنة من كورونا، فالإحصائيات تشير إلى انتشار الفيروس فى نحو 220 بقعة من العالم، وقد أوشك عدد الإصابات على الوصول إلى رقم الـ70 مليوناً، أما أعداد الوفيات فتقترب من المليون و600 ألف من سكان العالم.
هناك دول تزعم أنها آمنة أكثر من غيرها فيما يتعلق بمعدلات انتشارية الفيروس. الصين على سبيل المثال -البلد المنشأ للفيروس- تُقدر عدد الإصابات بها بما يقرب من 87 ألف حالة، وتعد الإصابات المضافة يومياً بالعشرات، وبالتالى فهى تقدم نفسها كدولة أكثر أماناً من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا التى تعد الإصابات الإجمالية فيها بالملايين، والإصابات اليومية بالآلاف.
لا أحد يستطيع أن يقرر مدى دقة المعلومات التى تعلنها الصين حول خريطة انتشار كورونا بها، ويبقى أن معيار الحسم فى مثل هذه الأحوال يرتبط بالمشاهدات والملاحظات التى تخرج عن مواطنيها حول أوضاع الفيروس.
دول العالم تختلف فى قدرتها على القيام بإجراء المسحات والفحوصات اللازمة لاكتشاف الإصابة. واللافت أنه كلما زادت هذه القدرة ارتفعت الأعداد المسجلة للإصابة بالفيروس، لذلك تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول الأكثر إصابة بالفيروس، بحكم توافر الإمكانيات الخاصة بإجراء المسحات، فى حين ينخفض عدد الإصابات المعلنة داخل بعض دول العالم الثالث التى لا تتوافر لديها إمكانيات شبيهة.
طبعاً هناك دول تملك القدرة على إجراء المسحات، وربما كانت تقوم بها فعلاً، لكن الأرقام المعلنة للأعداد تخضع لحسابات واعتبارات معينة فتأتى تقديرية فى الأغلب.
فى كل الأحوال يكشف الواقع نفسه ويفرض كلمته. وليس هناك خلاف على أن أدوات السوشيال ميديا وفرت للكثير من مواطنى العالم وسيلة مفيدة فى هذا السياق.
المواطن «الفيس بوكى» أكثر ميلاً إلى البوح والإفصاح والإعلان عن أحواله ولا يتردد فى الحكى عن الأحداث اليومية التى يعيشها، ويسعد بمشاركة أصدقائه له.
لذا فقد أصبح «التايم لاين» على حسابات الفيس بوك مؤشراً معتبراً لدى الكثيرين لتحديد أوضاع الفيروس ومعدلات انتشاره. فإذا كثرت عليه تدوينات الوفاة بالفيروس للأقارب والأحبة -رحم الله الجميع- وتواترت التدوينات التى ترجو من أفراد المجموعة الدعاء بالشفاء أو الخروج من الأزمات والمحن التى بات كورونا يضع العديد من الأفراد والأسر فيها، فإن ذلك يعد مؤشراً على معدلات انتشارية عالية للفيروس، والعكس صحيح طبعاً.
المواطن الفيس بوكى يملك مؤشرات قد تكون بالنسبة له أهم من الأرقام التى تتناثر هنا وهناك حول أعداد الإصابة بالفيروس.
لا يهتم الأفراد العاديون وحدهم بهذه الأرقام بل إن القائمين على موقع فيس بوك والعديد من الشركات والجهات الأخرى تقوم بتحليل المحتوى المتداول على الحسابات المختلفة من خلال خوارزميات توفر وصفاً وتوقعاً وتنبؤاً حول مسارات الظواهر المختلفة فى العالم والاهتمامات الشخصية والاهتمامات المحلية والاهتمامات العامة وغير ذلك.
ومؤكد أن هذه المؤشرات تؤخذ فى الاعتبار عند النظر إلى تقييم أرقام الإصابات والوفيات الناتجة عن الفيروس.
نسأل الله العلى القدير الرحمن الرحيم أن يحفظ مصر وأهلها.