توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيدة المطر

  مصر اليوم -

سيدة المطر

بقلم: د. محمود خليل

يبدو أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا المعاصرة.. تلك هى «ثقافة الاختزال».

الاختزال يعنى ببساطة تلخيص مجموع أو ظاهرة أو سلوك فى شخص.

الاختزال قد يكون موضوعياً عندما يتحول شخص معين إلى رمز لمجموع أو ظاهرة أو سلوك، مثل رمزية سيدة القطار الشهيرة التى دفعت ثمن التذكرة للمجند على الأمهات المصريات وما يتمتعن به من عطف وتعاطف.

ويصبح الاختزال مراوغاً إذا ركزنا الضوء على نموذج واحد معبر عن قطاع يعيش مشكلات معينة، شمّر المجتمع عن ساعديه من أجل حلها، بل ودغدغته وتهنينه!.

لدينا نموذج قريب على الاختزال المراوغ، يتمثل فى الشاب «بائع الفريسكا» الذى حصل على مجموع كبير فى الثانوية العامة، وشرع المجتمع وكذا الحكومة فى الاحتفاء ودعمه بما يعينه على استكمال مشوار تعليمه فى كلية الطب.

جوهر المراوغة فى هذا النوع من الاختزال أنه يجعل من حل مشكلة فرد يعبر عن مجموع حلاً لمشكلة المجموع. بمعنى أن يظن البعض أن بائع الفريسكا هو الشاب المجتهد الوحيد فى البلاد وأن حل مشكلته يعنى أن المجتمع والحكومة قاما بواجبهما فى دعم المجتهدين. فواقع الحال أن هناك طابوراً طويلاً عريضاً من الشباب المجتهدين، تحبط الظروف سعيهم وآمالهم فى الحياة، لأنهم لم يجدوا من يمد لهم يد العون.

وثمة مثل أقرب على هذا النوع من الاختزال يتمثل فى «السيدة نعمات» التى تم التقاط صورة لها وهى تجلس فى أحد شوارع الإسكندرية الغارق بالأمطار التى شهدتها البلاد يوم الجمعة الماضى، لتبيع «الترمس» للمارة، ويظهر على وجهها المصرى الطيب علامات التعب والإجهاد.

جابت صورة «السيدة نعمات» مواقع التواصل الاجتماعى، وشغلت روادها، الذين أنشأوا يقارنون بين «الست الشقيانة» وسيدات أخريات ينعمن بالدخل الوفير والحياة المخملية ويمتطين ظهور الطائرات الخاصة وخلافه.

بعثت إليها سيدة القطار -الرمز الاختزالى للأم المصرية التى تعاطفت مع مجند ودفعت له ثمن تذكرة القطار- برسالة احترام وتوقير.

الفنانة ياسمين صبرى تواصلت مع الحاجة نعمات -سيدة المطر- وأعربت عن استعدادها تلبية كل احتياجاتها المعيشية، وهى لفتة إنسانية كريمة لا يمكن أن ننكرها. ومن المتوقع أن تتلوها لفتات أخرى من نجوم الحكومة والمجتمع تدعم السيدة التى تسعى وراء قوتها بالأضافير.

لكن يبقى أن الصورة التى ظهرت الحاجة نعمات فى بؤرتها أهملت -فى الخلفية- عشرات الآلاف من السيدات الأخريات اللائى يعملن عملها، ويحتملن الأمطار السائلة والشمس الحارقة ليبعن الخضراوات والفجل والجرجير والجبن القريش والجبن القديم والمش والبيض والطيور التى ربينها فى عشش المنازل، كى يكسبن بضعة جنيهات تعيش أسر بأكملها عليها.

حل مشكلة «الحاجة نعمات» لا يعنى بحال حل مشكلات هذا الطابور الطويل العريض من السيدات الفضليات اللاتى يشربن مرار الحياة، ويشقين وراء رزقهن تحت أى ظرف.

من المريح جداً لضمير المجتمع أو الحكومة المبادرة إلى حل مشكلة فرد واحد، ليفلت الطرفان بعد ذلك من مشكلة المجموع التى يعبر عنها الفرد.

هذا الفيلم القائم على «الاختزال المراوغ» شاهدناه عدة مرات خلال الفترة الأخيرة.. والتكرار يؤدى إلى الملل!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيدة المطر سيدة المطر



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon