توقيت القاهرة المحلي 04:45:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"الشاه" والأمريكان

  مصر اليوم -

الشاه والأمريكان

بقلم: د. محمود خليل

مثلت الثورة الخومينية فى إيران عام 1979 واحدة من أبرز روافع ظاهرة «الإسلاموفوبيا» فى القرن العشرين.

أطاحت الثورة بشاه إيران محمد رضا بهلوى ونظامه، وهو النظام الذى كان محل إعجاب وتحالف من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لسنوات طوال.

كان الشاه من الحكام العصريين الذى طوروا كثيراً فى إيران، لكن عوائد التطوير الذى أحدثه وقعت فى حجر القلة القليلة المحيطة به، أما عامة الشعب فلم تنعم بآثار جهوده، بل على العكس تماماً عانت التهميش والقهر وسقطت فى بئر الضغوط المعيشية التى لا تنتهى.

كذلك يؤدى أغلب حكام الشرق الأوسط، يطورون على مستوى القمة، أما القاعدة فيتركونها نهباً للمغامرين السياسيين وتجار الأديان والأيديولوجيات.

ويرحب الغرب بحكام الشرق الذين يؤدون على هذا النحو ما داموا قادرين على السيطرة على الشعوب، وتحقيق الاستقرار حتى ولو كان شكلياً، ثم تأتى اللحظة التى تتهيأ فيها الكتلة الشعبية الهائلة وتصبح قادرة على التغيير فتتحرك وتسقط العروش، التى ظن البعض لطول مكوثها أنها لا تزول.

عندما بدأت بوادر ثورة الخومينى تلوح فى الأفق أصيبت الإدارة الأمريكية بنوع من الارتباك، ووجدت نفسها عاجزة عن فعل أى شىء للشاه، فسقط حكمه ورحل خارج إيران.

رفضت الولايات المتحدة استقباله، ولم تسمح بدخوله إلا بعد أن رجا الرئيس جيمى كارتر بشكل شخصى أن يمنحه تأشيرة دخول إلى أمريكا للعلاج. فمكث هناك شهراً ثم رحل.

غضب الخومينى والإيرانيون غضباً شديداً لاستقبال أمريكا للشاه. وقرر مجموعة من الطلبة المنحازين للثورة الاستيلاء على السفارة الأمريكية بطهران واحتجاز كل العاملين بها كرهائن.

خطوة الإيرانيين كانت حمقاء ولا شك. فما علاقة موظف أمريكى يؤدى دوره فى إحدى السفارات بغضب أو رضاء المرشد الأعلى أو مجموعة الملالى الذين تربعوا على حكم إيران؟ لكن ذلك ما حدث.

فى أمريكا بدأت الأصوات تتعالى عن التطرف والمتطرفين الإسلاميين الذين يشيطنون الولايات المتحدة وكل دول العالم، وشرعت آلة الإعلام الغربى فى العمل، وأصبحت الرسوم التى تقدم أصحاب العمائم والذقون جزءاً لا يتجزأ من الرسالة الإعلامية الغربية التى تتناول المسلمين.

كانت الظروف والأوضاع السائدة داخل بلدان العالم العربى والإسلامى أواخر السبعينات تزود الرسالة الإعلامية الغربية بالعديد من الأحداث والفعاليات التى تدعم الصورة التى تجتهد فى رسمها للمسلمين.

فمصر فى ذلك الوقت كانت تتزاحم بأصحاب الذقون، وكذلك كانت الحال فى بعض دول الخليج. أما فى أفغانستان التى كانت تخوض المراحل الأولى لمواجهة السوفييت الذين احتلوا أرضها فحدث ولا حرج.

منحت حادثة المنصة عام 1981 والتى استشهد على أثرها الرئيس السادات على يد إرهابيين متأسلمين الإعلام الغربى زخماً جديداً، وأصبح لسان حاله يقول: «طوفان الدقون قادم».

كانت تلك هى ملامح الصورة فى الظاهر، أما فى الباطن فقد كانت مختلفة إلى حد كبير.

كانت إيران والولايات المتحدة تتبادلان اللعنات فى العلن، فى حين كان التنسيق بينهما على أشده لتوريد السلاح الأمريكى الحديث إلى طهران لتستعين به فى حربها مع العراق، مقابل تدخل إيران للإفراج عن الرهائن الأمريكيين فى لبنان.

وكان تواصل الولايات المتحدة على أشده مع الجماعات الجهادية فى أفغانستان وخارج أفغانستان لمواجهة القوات السوفيتية الغازية.

كان لهذا التواصل والتنسيق بالغ الأثر على مستقبل الإسلاميين المتطرفين. وتحليل حلقاته وتفاصيله يثبت أن الغرب الذى يتحدث الآن عن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» لعب الدور الأهم فى زرع وتمكين الجماعات المتطرفة فى الشرق والغرب.

واليوم يمارس لعبة خداع كبرى، يريد أن يقنع نفسه والعالم من خلالها بأن المسألة تتجاوز حفنة من المتأسلمين، إلى الإسلام ذاته كديانة.. ويريد إقناع أكثر من مليار ونصف المليار مسلم بأن لديهم مشكلة فى دينهم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشاه والأمريكان الشاه والأمريكان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 04:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
  مصر اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon