توقيت القاهرة المحلي 12:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإصلاح في حضن «الجبل»

  مصر اليوم -

الإصلاح في حضن «الجبل»

بقلم: د. محمود خليل

تفكيرك يمكن أن يكون عظيماً وأفكارك يمكن أن تكون مفيدة جداً لكن حين تعجز عن إقناع الناس بها فإنها تصبح بلا جدوى أو قيمة حقيقية فى الواقع. فى لحظات العجز أحياناً ما يندفع أصحاب الأفكار أو المؤمنون بمشروعات معينة إلى اتهام المجموع بالجهل وقلة الوعى وقلة الذوق، وقائمة أخرى لا تنتهى من الاتهامات التى تقوم على تسفيه أسلوب تفكير المجموع.

سهل جداً أن تتهم المجموع بالجهل وقائمة النقائص الأخرى، لكن الصعب أن تقنع الناس بجدوى ما تدعو إليه أو تفعله.

زمان كتب أحد كبار مبدعينا -الراحل فتحى غانم- رواية عبقرية اسمها «الجبل» ناقشت إشكالية الصراع بين عقل أهل القرار فى القاهرة ومجموعة من البشر الذين يعيشون فى إحدى القرى التى ترقد فى حضن الجبل بصعيد مصر.

قرر المسئولون فى القاهرة بناء قرية نموذجية تتوافر فيها خدمات إنسانية راقية ونقل سكان قرية «الجرنة» ليعيشوا فيها بعيداً عن العيشة اللاآدمية فى كهوف الجبل.

رفض سكان الجبل النزول إلى البنايات رفضاً قاطعاً، بل والأكثر من ذلك تسلل شبابهم إلى القرية النموذجية الجديدة وحرقوا البنايات ودمروا معدات البناء.

لم يكن من السهل على سكان الكهوف التخلى عن مصدر حلمهم فى الثراء والعيش الكريم عبر كحت الجبل ونبش كل ركن فيه بحثاً عن الآثار وكنوز الأجداد لبيعها لمن يريد والحصول على المال، كما أن أغلبهم لم يكن يرضى أن يتخلى بسهولة عن الحياة البدائية التى ألفها فى حضن الجبل وينزل إلى بيئة لا يتقن العيش فيها داخل القرية النموذجية.

اتهم أهل القاهرة سكان الجبل بالجهل واللصوصية، وأرسلوا من يحقق فى الأمر.

ذهب المحقق إلى مسرح الأزمة وجلس إلى المسئولين داخل القرية النموذجية، وكذلك مع عمدة قرية الجرنة الراقدة فى حضن الجبل وعدد من شبابها والفاعلين فيها.

انتهى الصراع بشكل تلقائى عندما نظر بناة القرية النموذجية إلى ما صنعته أيديهم فوجدوا أن الأربح لهم تحويلها إلى مبانٍ لاستقبال السياح الذين يفدون إلى المنطقة، ودب شجار بينهم حول كيفية تحقيق أعلى ربح منها، بعيداً عن سكان الجبل الجهلاء قليلى الوعى والإدراك.

دب الانقسام بين أصحاب رابطات العنق والياقات المنشاة فظهرت الأسباب الحقيقية الكامنة وراء المشروع. يقول الكاتب فتحى غانم: «ذهب الكلام الأجوف الذى كانوا يتشدقون به عن تحسين حالة الفقراء الذين يعيشون فى الكهوف، وظهرت الأسباب الحقيقية للمشروع.. ربح شخصى أو مجد شخصى».

انتهى الصراع إلى استمرار أهل الجبل فى حياتهم داخل الكهوف ليثبتوا فشل كل مشروع يقوم من أجل أسباب لا صلة لها بالإصلاح الحقيقى، وضرورة أن يكون الإصلاح لمصلحة الذين من أجلهم المشروع الإصلاحى.

رواية «الجبل» تبحث واحدة من الإشكاليات الكبرى التى تواجه جهود التنمية فى دول العالم الثالث ككل، وتؤكد حقيقة إنسانية كبرى ملخصها أن الناس تستجيب للتطوير حين تقتنع، وحين تشعر أن الإصلاح هدفه صالحهم، وبرىء من أى غرض آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح في حضن «الجبل» الإصلاح في حضن «الجبل»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon