بقلم: د. محمود خليل
لم يكن حادث المنصة (6 أكتوبر 1981) الأول من نوعه الذى يستهدف الرئيس أنور السادات.
فقبلها بنحو 7 سنوات، شهد عام 1974 محاولة لاغتيال الرئيس مع قيادات الدولة على يد تنظيم الفنية العسكرية بقيادة صالح سرية، وهى المحاولة التى باءت بالفشل، لكن الأمر اختلف بالنسبة للمحاولة التى قامت بها جماعة الجهاد بقيادة الدكتور عمر عبدالرحمن الأستاذ بجامعة الأزهر فرع أسيوط، والمهندس عبدالسلام فرج خريج هندسة القاهرة عام 1981.
فقد نجح تنظيم الجهاد فى اغتيال الرئيس، وأحدث فوضى عارمة بمحافظة أسيوط، قبل أن تتم إعادة الهدوء من جديد إلى المشهد المصرى.
عبّر تنظيم الجهاد عن مركّب شديد الغرابة يشتمل على مجموعة من العناصر الدموية التى تجد فى فكرة «جهاد الحكام» أو من أطلقوا عليه فى أدبياتهم «العدو القريب» هدفاً وسبيلاً لا تحيد عنه.
حضر فى مركب «الجهاد» طرف معبر عن تنظيم الفنية العسكرية والمتمثل فى سالم الرحال، وهو فلسطينى الجنسية، وكان يدرس بالأزهر. كان «الرحال» على صلة بتنظيم الفنية العسكرية وحاول عام 1979 إعادة تشكيل التنظيم عبر التواصل مع عناصره التى خرجت لتوها من السجن، لكن الجهات الأمنية اكتشفت الأمر فتم القبض عليهم وتقرر ترحيل «سالم الرحال» إلى الأردن.
تعرف عبدالسلام فرج -وهو يدرس بكلية الهندسة- على «سالم الرحال» واستمع إليه، ونشأت بينهما علاقة فكرية لم تدُم طويلاً بسبب ترحيل الأخير من مصر بعد القبض على مجموعته من بقايا تنظيم الفنية العسكرية.
سعى عبدالسلام فرج بعد ذلك إلى تكوين تنظيم تابع له اشتمل على مجموعة من الشباب، أغلبهم من طلاب الجامعات وخريجيها، وخطط لتشكيل جناح عسكرى تابع للتنظيم يقوم بالعمليات (الجهادية) التى يتم الاتفاق عليها. وشكل هذا التنظيم الرافد الثانى لمركب جماعة الجهاد.
أما العنصر الثالث فقد تمثل فى الجماعة الإسلامية بأسيوط. وقد اعتنقت أغلب عناصر الجماعة الإسلامية التى انتشرت بالجامعات المصرية أوائل السبعينات الفكر السلفى، ثم قررت جماعة جامعتى القاهرة والإسكندرية فيما بعد الاندماج فى جماعة الإخوان، فى حين احتفظت جماعة أسيوط بسلفيتها.
يقول د. علاء بكر فى كتابه «الصحوة الإسلامية فى مصر فى السبعينات»: «فى نهاية 1979 تعرف عبدالسلام على كرم زهدى من قيادات الجماعة الإسلامية بأسيوط، حيث تلاقت أفكارهما على ضرورة التغيير، فاتفقا على توحيد مجموعة عبدالسلام فرج والجماعة الإسلامية فى تنظيم واحد، واختيار الشيخ الدكتور عمر عبدالرحمن أميراً له، وأطلقوا على التنظيم (تنظيم الجهاد)».
تحليل الطريقة التى تشكل بها تنظيم الجهاد تؤشر إلى أنه مثّل نقطة التقاء بين مجموعة من التكفيريين الذين قرروا حمل السلاح ضد النظام القائم. ويبدو أن جلهم كان متأثراً بالنجاح الذى حققته ثورة الخمينى فى إيران عام 1979، وقرّب إلى أذهانهم فكرة «الثورة الإسلامية» وإقامة دولة تحت حكمهم المباشر.
ولعلك تعلم أن عبدالسلام فرج خطط مع عناصر جماعته للقيام بثورة إسلامية وتحريك الجماهير فى ثورة شعبية داخل كل من القاهرة وأسيوط عقب اغتيال الرئيس السادات، ثم التحرك إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون والاستيلاء عليه، وإعلان قيام دولة جديدة «إسلامية»!.