توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التجنيد فى «زوايا الإخوان»

  مصر اليوم -

التجنيد فى «زوايا الإخوان»

بقلم : محمود خليل

عندما بدأ الإخوان فى الخروج من السجون كانوا فى حالة يُرثى لها، لكنهم سرعان ما استعادوا عافيتهم مدعومين بسلطة رئيس الدولة، وشرعوا فى إعادة بناء التنظيم وتجنيد جيل جديد من الكوادر. ومصطلح «تجنيد» هو اللفظ الذى يُستخدم فى وصف الفعاليات التى تسبق إلحاق العضو الجديد بالجماعة، حتى يصبح «أخاً من الإخوان» برتبة معينة. استغلت الجماعة حالة الوجد الصوفى التى أخذت فى الترسخ داخل الوجدان المصرى بعد نكسة 1967 وبدأت تعزف على وترها وتوضح أن «الصوفية» جزء من الإسلام، لكنها ليست كل الإسلام، وأن المسلم يستطيع أن يجد الدين كاملاً داخل الجماعة. وكان عمر التلمسانى -المرشد العام للجماعة حينذاك- متأثراً فى هذا النهج بخطوات المؤسس الأول «حسن البنا» الذى أنشأ الجماعة فى البداية على نحو صوفى ليسهل عليه التسلل إلى الوجدان المصرى المدموغ بالطابع المملوكى، ثم وسّع قاعدة التحرك بعد ذلك وجعل يردد أن «الإسلام الحقيقى» دين ودولة، عبادة وقيادة، مصحف وسيف.

كانت عبارة «الإسلام الحقيقى» من أكثر العبارات تردداً خلال فترة السبعينات، وكان كل طرف من «المتكلمين» باسم الإسلام يقدم فهمه للدين على أنه «الإسلام الحقيقى»، وأن غيره ينهض فقط بجزء من الإسلام، حتى فصائل الإسلام السياسى يطرح كل منها رؤيته للإسلام على أنه الإسلام الحقيقى، ويسفِّه من رؤية غيره، ويعتبر أنها بعيدة أشد البعد عن المفهوم الحقيقى للدين. دعنا نضرب على ذلك مثلاً يتصل بموضوع «الخروج على الدولة». لقد خرج شكرى مصطفى زعيم «التكفير والهجرة» يكفّر ويقتل، وأطلق على جماعته «جماعة المسلمين»، وخرج الجهاديون حاملين السلاح ضد الحاكم وقتلوا «السادات»، ثم خرجت جماعة الإخوان المسلمين -فى السبعينات- فزعمت أنها تنبذ العنف، وتفضل الانخراط فى العمل السياسى، وبدأت تشارك فى الانتخابات البرلمانية والنقابية طيلة حقبة الثمانينات وما تلاها، كانت ترفض الواقع، لكنها كانت تقدم رؤيتها للإسلام على أنها محاولة للإصلاح بالأساليب السياسية، وترك فكرة حمل السلاح ضد الحاكم، ثم خرج علينا السلفيون رافضين فكرة الخروج على الحكم من الأصل، حتى ولو أخذ الأمر شكل التظاهرات أو الاحتجاج بالصوت. ولعلك تذكر مواقف هؤلاء الفرقاء الذين يعملون تحت يافطة «إسلامى» قبل ثورة 25 يناير 2011.

منذ السبعينات وحتى الآن تتبرأ جماعة الإخوان من العنف وتزعم اللجوء إلى الوسائل السياسية لتحقيق أهدافها، لكن المراقب لأداء الجماعة يجد أنها تميل -منذ عصر السادات- إلى السرية فى المراحل الأولى لتجنيد أعضائها، ولا تقتصر السرية هنا على مجرد العمل مع العضو بعيداً عن الأعين حتى يتم إعداده وتهيئته لقبول فكر الإخوان، بل بتعمية العضو نفسه عن الهدف الأساسى الذى تسعى إليه الجماعة وهى تقدم له «الإسلام الحقيقى»، لذلك لا تحرص الجماعة على تربية العضو الجديد داخل المساجد الكبرى، بل تميل أكثر إلى الاعتماد على الزوايا. والزوايا جمع «زاوية» وهى عبارة عن حجرة صغيرة قد تكون ملحقة ببناية، وقد تكون مبنى مستقلاً، لا تزيد مساحتها على عدة أمتار، وتتسع فى العادة للعشرات من الأفراد، وتتيح لهم فرصة ممارسة شعيرة الصلاة فيها.

وتنتشر الزوايا عادة فى القرى والنجوع داخل الأرياف وبالمناطق العشوائية داخل المدن، حيث يهب أحد أهل الخير هذه الأمتار المعدودة من الأرض لتقام عليها الصلوات. وربما فسر لك انتشار هذه الزوايا داخل القرى والمناطق العشوائية رسوخ دعوة الإخوان داخل الريف المصرى من ناحية وداخل الأحياء العشوائية من ناحية أخرى. ولك أن تعلم أن كافة الدعوات السرية فى تاريخ الإسلام اعتمدت على «زوايا التعبد» كأداة من الأدوات التى تُستخدم فى إعداد وتجهيز الأتباع والكوادر. ولعلك تذكر حديث الرئيس الدكتور «محمد مرسى» عن «الحوارى المزنوقة» وهو يشير إلى من يتآمرون ضده. وهو حديث يعكس خلفية تفكير «كادر إخوانى» ريفى، يستوعب خطورة العمل فى شقوق الحوارى والأزقة التى تتحدد فى العقل الإخوانى فيما يطلق عليه «الزاوية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجنيد فى «زوايا الإخوان» التجنيد فى «زوايا الإخوان»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon