توقيت القاهرة المحلي 07:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسليم «البشير»

  مصر اليوم -

تسليم «البشير»

بقلم: د. محمود خليل

الشارع السودانى منقسم حول مسألة تسليم الرئيس السودانى السابق عمر البشير إلى محكمة العدل الدولية فى «لاهاى» لمعاقبته على جرائم ضد الإنسانية ارتكبها فى نواحٍ عدة من السودان، أدت إلى مقتل مئات الآلاف من البشر وتشريد الملايين. هناك من يؤيد الخطوة انطلاقاً من أن «البشير» لا بد أن يخضع لمحاكمة جادة على الجرائم المتهم فيها، والجدية لن تتحقق إذا حوكم داخل السودان، فى حين يرى اتجاه آخر داخل الشارع السودانى أن محاكمة «البشير» فى السودان تأكيد على استقلالية الدولة ومؤسساتها، وكذا تأكيد على كيانها وهيبتها.

الشارع الشعبى كالعادة «يأخذ الموضوع على صدره» ويحمله ما يمكن تحميله من مفردات تتردد فى مثل هذه المواقف. فالمؤيدون يرددون ألفاظ الحق والعدل ومقاضاة المسئول عن الدم المسفوح، والأسر التى تشردت، وغير ذلك. والمعارضون يرددون ألفاظاً من فصيلة الاستقلالية والهيبة وكرامة المؤسسات وخلافه. وفى ظنى أن المسألة أبعد من ذلك. فتسليم «البشير» يتم ضمن صفقة يرعاها المجلس السيادى فى السودان، وفى إطار مجموعة من الترتيبات مع الطرف الأمريكى على وجه الخصوص. الدليل على ذلك أن السودان وافق على تسليم «البشير» بالترافق مع الإعلان عن توقيع اتفاق فى «واشنطن» بين الحكومة السودانية وأسر ضحايا تفجير المدمرة كول التى تعرضت لهجوم قبالة ميناء عدن اليمنى عام 2000. ويقضى الاتفاق بأن يدفع السودان التعويضات المطلوبة لأسر الضحايا. يذكر أن التفجير أسفر عن مقتل 17 بحاراً أمريكياً. وقد ظل السودان طيلة العقدين الماضيين ينفى أى صلة له بهذا التفجير. وليس هناك خلاف على أن القبول بدفع التعويضات يعنى اعترافاً ضمنياً بالتورط فى الواقعة.

وقد يكون من المفيد أن نذكّر أيضاً بأن خطوتى الموافقة على دفع التعويضات لضحايا المدمرة كول، ثم الموافقة على تسليم «البشير» إلى «الجنائية الدولية» جاءتا عقب اللقاء الذى تم بين كل من عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادى السودانى، وبنيامين نتنياهو بأوغندا منذ ما يقرب من أسبوعين. ويعنى ذلك أن ثمة ترتيبات تتم هدفها الأساسى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بما يترتب عليه من رفع للعقوبات الأمريكية عليه. ولنا أن نتساءل: هل اتخذ المسئولون السودانيون هذه الخطوات بناء على نصائح إسرائيلية؟. الأيام القادمة وما ستشهده من أحداث قد تحمل إجابة واضحة على هذا السؤال، لكن يبقى أن من يقف وراء هذه الخطوات داخل المجلس السودانى يرتب بالأساس لأمر الحكم، ويتعامل كما ذكرت لك منذ يومين بنفس المنطق القديم الذى سيطر على الرأس السياسى العربى منذ زمن طويل من أن الترتيب مع الطرفين الأمريكى/ الإسرائيلى يعد خطوة لازمة وضرورية لتحقيق مثل هذا الهدف.

الشارع السودانى -شأنه شأن الشوارع العربية الأخرى- يحكمه الحماس وينسجم مع فكرة الشعارات الكبرى، لكن أمر السياسة غير ذلك، والحيل التى يتبعها المتنافسون السياسيون لا تأخذ فى الاعتبار الكلمات الكبيرة التى تتردد فى الشارع، لأن تحقيق الأهداف فى مثل هذه الأحوال تحكمه القاعدة الميكيافيلية الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة». ليت السودانيين ينتبهون!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسليم «البشير» تسليم «البشير»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon