توقيت القاهرة المحلي 19:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روح أكتوبر

  مصر اليوم -

روح أكتوبر

بقلم: د. محمود خليل

كان الرئيس السادات -رحمه الله- كثير الحديث عن روح أكتوبر ويدعو إلى استدعائها لاستنفار قدرات المصريين على مواجهة ما يلوح لهم من تحديات نهضوية. حاول «مبارك» من بعده استخدام العبارة نفسها فى بعض أحاديثه إلى الناس، لكن الأمر لم يكن يعدو التذكير بمصدر شرعيته، والمتمثل فى الانتماء إلى الجيل الذى صنع نصر أكتوبر. وهو الانتماء الذى استند إليه السادات فى اختياره لمبارك كنائب له عام 1975.

ماذا كان يعنى السادات بروح أكتوبر؟ من عاصر هذه الفترة يعلم أن الرئيس كان يقصد بها الحالة التى تلبست المصريين بعد نكسة 1967 برفض الهزيمة وعدم الاستسلام للأمر الواقع، والسعى إلى القفز على آلامهم وأوجاعهم، والاجتهاد فى البناء فى ظروف غير مواتية ووسط غابة من الحزن والإحباط. روح أكتوبر كانت تعنى باختصار «القفز».. القفز فوق الهزيمة.. فوق الضعف.. فوق الواقع المعاند.. فوق الفروق فى المعطيات المتاحة للذات والمتوافرة للخصم.. القفز والعبور على كل ذلك واستجلاب النصر من قلب المستحيل.

هذه المعانى لمسها الجيل الذى عاش هذه الفترة وكان يراها تتجسد أمامه من دم ولحم.. ثم اختفت هذه الروح بعد ذلك، ومكث السادات يناديها فى الشعب، وطال نداؤه ولم يعد إليه إلا الصدى!.. فمتى وأين اختفت «روح أكتوبر»؟

عاش المصريون بعد النصر المجيد فى 1973 أحاسيس متنوعة امتزج فيها الشعور باسترداد الكرامة، مع استعادة الثقة بالنفس، مع إحساس القدرة على الفعل. بدأت صدور المصريين تتنسم الهواء من جديد وتعد العدة لمستقبل يبنون فيه دولة قوية بحريتها وديمقراطيتها وقدراتها الاقتصادية والعسكرية، لكن ماء كثيراً جرى فى نهر حياة المصريين بعد ذلك.

الإحساس الذى تشكل فى صدور المصريين بعد النصر بدأ يذوى ويضمحل بداخلهم شيئاً فشيئاً بمرور الأيام. بدأ يذوى حين شعر الجنود الذى قدموا ضريبة الدم من أجل تحرير الأرض بثمار النصر تسقط فى حجر أناس لم يكن لهم فيه ناقة ولا جمل. بدأ يذوى حين أحس الشعب الذى صمد وتحمل المصاعب الاقتصادية العنيفة بأن معيشته تزداد تعقيداً بفعل الشعور بالعجز عن توفير المأكل والمشرب والملبس والمسكن بسبب تغول الانفتاح والانفتاحيين. بدأ يذوى حين اكتشف الناس أن هامش الديمقراطية الذى أتاحه السادات لم يكن أكثر من وهم استفاد منه قوى المعارضة التى تعمل فى معية السلطة، خصوصاً من الإسلاميين.

كل يوم يمر كان يأخذ معه قطعة من روح أكتوبر التى تفجرت فى نفوس المصريين أيام الحرب، حتى تلاشت وتبخرت فى الهواء، وأصبحت مجرد ذكرى ترتبط بعبارة تعلو الأصوات بالنداء عليها دون أن تجيب أحداً.

جاء الإعلان الشعبى عن صعود روح أكتوبر إلى بارئها فى أحداث يناير 1977 والتى سارت بعدها السلطة فى وادٍ والشعب فى واد آخر، وظلت الأمور كذلك حتى صعدت روح الشهيد السادات إلى خالقها فى الاحتفال بذكرى أكتوبر (1981)، ليتبخر آخر شعاع كان قادراً على استحضار تلك الروح.. وكل «روح أكتوبر» وأنتم طيبون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روح أكتوبر روح أكتوبر



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon