توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«التطلع» الذى لا يبلى

  مصر اليوم -

«التطلع» الذى لا يبلى

بقلم: د. محمود خليل

الطموح شىء والتطلع شىء آخر. الطموح يعنى السعى نحو الحصول على الأهداف بالثمن المطلوب من الجهد والاجتهاد، وهو فى كل الأحوال جدير بالإعجاب والتشجيع والتحفيز، وترسخه داخل مجتمع معين يعنى نجاحه وتقدمه إلى مواقع الريادة على مستوى العالم. أما التطلع فداء قد يضرب أصحاب النفوذ أو أصحاب المال أو الأفراد العاديين. ولم يهلك مجتمعنا داء مثلما أهلكه التطلع. فالكل يريد والكل يرغب، ولا أحد يكتفى، والجميع يرفع شعار «هل من مزيد؟»، ويكرر المثل الشعبى السائر «البحر يحب الزيادة». التطلع هو المدخل الطبيعى للفساد والإفساد. بعض الأسماء اللامعة فى مجتمعنا لم تُقدم نظرية فى حل مشكلاتنا، أو اختراعاً يحقق الملايين أو المليارات، أو رؤية إصلاحية تنقل المجتمع من حال إلى حال. فكل قدراتهم تتلخص فى الشطارة والقدرة على الحصول على المال بالفهلوة، والاحتكار، واستغلال النفوذ، والضحك على ذقون البشر، بالإضافة إلى أساليب أخرى.

أما الاجتهاد الحقيقى، والمكسب الطبيعى الناتج عنه، والاهتمام بالمصلحة الفردية بالتوازى مع المصلحة الجماعية، فهذه المعانى تكاد تختفى من قاموسنا. يستوى فى ذلك رجل الأعمال الذى جنى المليارات، دون اجتهاد حقيقى، والشاب الصغير الذى تخرج فى الجامعة ويحلم بأن يحصل على السيارة الفارهة، والفيلا المبهرة، والمرأة الرائعة، واللبس على أحدث صيحات الموضة، وهو لا يريد أن يبذل جهداً أو وقتاً، بل يرغب فى تحقيق ذلك بمنتهى السرعة عبر آليات الفهلوة والشطارة «والحداقة».

لذلك فقد تحوَّلنا إلى مجتمع يمكن أن تصل فيه إلى المال بلا عمل أو اجتهاد، وأن تمتلك سلطة بلا قوة أو قدرة على التغيير، وشهادة بلا علم، وعلم بلا عمل، وعمل بلا نتيجة. وسيطر التعب والإرهاق والإحباط والزهق على الناس كافة. ولم يعد أمام الجميع سوى التخلص من تلك اللعنة، لعنة «التطلُّع»، والفهم العميق لمعنى وجود الإنسان فى الحياة، وهو المعنى الذى لخصه القرآن الكريم فى مفهوم السعى «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى». لا بد أن يفرز هذا المجتمع رجال اقتصاد يحصلون على المال بأعمال حقيقية، ورجال دولة يفهمون أن العمل السياسى هو سعى نحو التغيير والإصلاح، ومثقفين قادرين على مواجهة الناس بالحقيقة، وشعباً يفهم قيمة العمل والاجتهاد، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

مجتمعنا يحتاج إلى فكر جديد يؤسس لثقافة جديدة تستجيب لجملة المشكلات التى نواجهها، نحتاج إلى الخروج من شرنقة الأفكار النمطية والمكررة، ثقافة تأخذ أفضل ما فى الماضى وتطوره، وأفضل ما فى العالم المعاصر وتمصره. ثقافة لا تعتمد على الأحكام المطلقة بل تحتكم إلى نظرة نسبية للأشياء، وتحتكم إلى مفهوم «الجدوى» كأساس للقبول أو الرفض. ثقافة تقوم على الشفافية والصراحة والمكاشفة، وليس على الكتمان أو التعتيم أو المراوغة. ثقافة تُعلى من قيمة المشاركة، وترفض الاستفراد أو الاستئثار أو الاحتكار. ثقافة تحترم الطموح وتدفع صاحبه إلى الأمام، وتعالج أمراض التطلع وتمحو كلمة الفهلوة من قاموس حياتنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التطلع» الذى لا يبلى «التطلع» الذى لا يبلى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon