بقلم: د. محمود خليل
بعد عدة أسابيع من الإغلاق الجزئى قررت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الدخول فى مرحلة من الإغلاق أكثر تشدداً، بدءاً من يوم الأربعاء المقبل (16 ديسمبر)، على أن تُغلَق جميع المدارس والمتاجر غير الأساسية حتى العاشر من يناير المقبل.
الارتفاع المفاجئ فى عدد الوفيات جراء الإصابة بكورونا مثَّل السبب الأساسى وراء القرار الجديد، رغم ما يحمله من كلفة على الاقتصاد الألمانى. فبعد أن كان عداد كورونا يحسب الوفيات بالعشرات فى الولايات الألمانية المختلفة خلال شهر أكتوبر، ارتفعت وتيرة الوفيات خلال شهر نوفمبر وحتى منتصف ديسمبر، لتتجاوز فى بعض الأيام الـ400 وفاة، هذا غير التصاعد الملحوظ فى أعداد المصابين.
أمام ارتفاع منحنى الوفيات والإصابات بكورونا لم تجد ألمانيا مفراً من الخروج من حالة الإغلاق الجزئى لتبدأ فى السير فى طريق الإغلاق الكلى.
وظنى أن دولاً أوروبية عديدة سوف تحذو حذوها. قد يكون فى مقدمتها إيطاليا التى تشهد أكبر معدل وفيات بالفيروس بين دول القارة الأوروبية، وقد سبق لها اتخاذ إجراءات إغلاق جزئى، لكنها قد تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ إجراءات بإغلاق مدن بأكملها فى مواجهة الجائحة. وقس على ذلك بقية الدول الأوروبية.
مسألة الإغلاق أو عدم الإغلاق ليست مسألة موكولة إلى أمزجة الحكومات أو الشعوب، بحيث يخرج مسئول فى دولة معينة متحدثاً عن تصميم الحكومة التى يعمل بها على رفض الإغلاق، سواء على مستوى المتاجر أو المدارس أو الجامعات أو الكافيتريات وخلافه. المسألة حسبة وأرقام تحدد مدى قدرة النظام الصحى على استيعاب أعداد المصابين.
فأى دولة تلجأ إلى الإغلاق مضطرة، حين يرتفع عدد المصابين بالفيروس بحيث يعجز نظامها الصحى عن توفير الخدمة أو الرعاية الصحية لهم. لقد شهدنا ذلك فى الموجة الأولى من كورونا، فلجأت الكثير من الدول إلى الإغلاق عندما تزايدت أعداد الإصابة بها بصورة تفوق الاستيعاب.
ربما قدمت لقاحات كورونا حلاً للأزمة التى تعانيها مجتمعات ودول العالم المختلفة، نتعشم ذلك.. رغم أن التجربة الروسية على سبيل المثال ما زالت تشير إلى ارتفاع معدل الوفيات بها، مع أنها بدأت رحلة تطعيم مواطنيها باللقاح المنتج محلياً منذ ما يقرب من 10 أيام.
اللقاح مهم ونأمل أن يكون له دور حاسم فى محاصرة الفيروس، لكن يبقى أن ثمة أمرين أساسيين لا بد من أخذهما مأخذ الجد فى مواجهة كورونا، أولهما الإجراءات الوقائية (الوقاية والتباعد)، وثانيهما تحسين مناعة الجسم من خلال تناول الأطعمة التى تساعد على ذلك.
من ضمن إجراءات الوقاية ما لجأت إليه ألمانيا من سياسات إغلاق، وإذا تلاها فى ذلك دول أوروبية أخرى، فعليك أن تتوقع أن دولاً أخرى من خارج القارة سوف تفعل ذلك.
الإغلاق الذى لجأت إليه ألمانيا شر لا بد منه، وهو إجراء مرهق للحكومات وللشعوب على حد سواء، لكن لا بد مما ليس منه بد.. ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح.