توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التعصب.. والمتعصبون

  مصر اليوم -

التعصب والمتعصبون

بقلم: د. محمود خليل

التعصب، أياً كان موضوعه، آفة.. ولكن يبقى أنه سمة من سمات غالبية البشر، فأكثر الناس يتعصب وينحاز، ومَن ينعى على غيره التعصب فى مجال، قد يكون غارقاً حتى أذنيه فى التعصب على مستوى آخر.

التعصب أشكال وألوان، قد يأخذ شكل التعصب للدين أو الجماعة أو الأسرة أو القبيلة أو الفريق الرياضى.

التعصب حالة إنسانية قد تأخذ شكلاً موضوعياً، ينحاز فيه الفرد إلى ما يجده أفضل أو أنجح أو أكثر قدرة على الإنجاز أو أكثر إعلاءً لقيمة الإنسان، وأشد دفاعاً عن الخير فى الحياة، وقد يأخذ شكلاً مرضياً يجعل الإنسان ينظر حوله فلا يرى إلا نفسه وقناعاته وما يؤمن به، دون أن يحترم حق الآخر فى الإيمان بما يختلف معه أو يناقضه.

التعصب المريض حالة من حالات «الإحساس بالكبْر»، ولا أجد تعريفاً للكبْر أجمل من التعريف الذى قدمه النبى صلى الله عليه وسلم، حين قال: «الكبْر بطَر الحق وغمط الناس».

كذلك يفعل التعصب بصاحبه، يكون الحق واضحاً جلياً أمامه، ورغم ذلك ينكره ويرفض الاعتراف به، يرى غيره يؤدى فى الحياة بكفاءة ونجاح وتميز، فيهيل التراب على كل ذلك وتأبى عليه نفسه المتكبرة الاعتراف بما حققه.

المتعصب يؤدى وهو مدفوع بالكبْر، و«الكبْر» حالة مرضية جوهرها الإحساس بالهزيمة، فكلما أحس الإنسان بالهزيمة تعصَّب وتطرَّف فى تعصبه وأتى بما يُخجل.

ولو أنك فتشت فى حالات التعصب التى ظهرت فى بر المحروسة، وأبرزها التعصب الدينى والتعصب الكروى، فستجد أنها قفزت إلى سطح الواقع المصرى بعد هزيمة يونيو 1967، فظهر التعصب الدينى بصوره المريضة، وبرز التعصب الكروى بأشكاله المشوَّهة.

مَن عاصر الفترة التى سبقت نصر أكتوبر 1973 يتذكر مباراة كرة القدم الشهيرة بين الأهلى والزمالك، وما شهدته من أحداث مؤسفة اشتبك فيها جمهور الفريقين ولاعبوهما وإداريوهما على أرض الملعب وعلى الهواء مباشرة، بسبب ضربة جزاء تم احتسابها للزمالك وأحرز منها فاروق جعفر هدفاً فى مرمى النادى الأهلى الذى كان يحرسه فى ذلك الوقت مروان كنفانى، إن لم تخنى الذاكرة.

كان المشهد مروعاً بقدر ما كان معبراً عن حالة الإحباط التى عاشها المصريون خلال السنوات الست الفاصلة بين 67 و73. الإحساس بالهزيمة وتأخُّر معركة التحرير برجَل تفكير المصريين وأسقطهم فى بئر سحيقة من الغضب المغلف بالإحساس بالعجز، وكانت النتيجة أن انطلقت تلك المشاعر المكبوتة مع أول فرصة تسنح، فانخرط المصريون «أهلاوية وزملكاوية» فى معركة فى الملعب وفى الشوارع والحوارى والأزقة.

اضطرت الحكومة الساداتية بعدها إلى وقف مسابقة الدورى العام، لكن ذلك لم يوقف عراكات المصريين حينها الذين اندفعوا بأحاسيس العجز والغضب وغيرهما من المشاعر التى ولَّدتها الهزيمة إلى السقوط فى مستنقع التعصب، فباتوا يتعاركون مع بعضهم البعض لأقل الأسباب وأتفهها.

التعصب المريض هو أكبر خطر يمكن أن يضرب أمة من الأمم أياً كان موضوعه.. وطقوس التحيز الأعمى فى مجتمعنا أصبحت منذرة.

انتبهوا أيها السادة!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعصب والمتعصبون التعصب والمتعصبون



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon