توقيت القاهرة المحلي 07:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصحابة أبناء ظروفهم

  مصر اليوم -

الصحابة أبناء ظروفهم

بقلم : محمود خليل

بعد وفاة النبى، صلى الله عليه وسلم، مارس الصحابة الصراع على الحكم كما تمارسه أية مجموعة بشرية. ودعك من الصور المبالغ فيها التى كان رسمها كتّاب التراث أو اشتملت عليها العبارات التى جاءت على لسان بعض الشخصيات التاريخية، مثل شخصية معاوية بن أبى سفيان حين وصف الشيخين قائلاً: «أما أبوبكر فلم يرد الدنيا، وأما عمر فأرادته فلم يردها». فالمتأمل لأحداث سقيفة بنى ساعدة سيجد أن الصراع بين المهاجرين والأنصار على الحكم بلغ الذروة، وكاد أن يتحول فى لحظة إلى صراع دموى. فقد رفض عمر بن الخطاب فكرة أن يكون الأمراء من المهاجرين والوزراء من الأنصار، وقال: «سيفان فى غمد واحد لا يكونان».

ويروى صاحب «السيرة الحلبية» أنه بعد استقرار الأمر على مبايعة أبى بكر كخليفة للمسلمين وانفض الجمع المؤيد لتولية سعد بن عبادة (الأنصارى) الخلافة، صرخ عمر بن الخطاب: «اقتلوا سعداً قتله الله، ثم قام عمر، رضى الله عنه، على رأس سعد، وقال: قد هممت أن أطأك حتى تندر عيونك، فأخذ قيس بن سعد، رضى الله عنهما، بلحية عمر، رضى الله عنه، وقال: والله لو خفضت منه شعرة ما رجعت وفيك جارحة، فقال أبوبكر: مهلاً يا عمر الرفق الرفق ها هنا أبلغ، فقال سعد: أما والله لو كان لى قوة على النهوض لألحقتك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع».

وإذا كان الصراع على الحكم قد أخذ شكل الملاسنة اللفظية الخشنة فى السنوات الأولى التى أعقبت وفاة النبى فقد بادرت الأيدى بعد ذلك إلى سحب السيوف من أغمادها، وإشهارها فى وجه المخالفين فى الرأى أو الرؤية. أشهر جماعة من المسلمين غير الراضين عن حكم عثمان بن عفان السيف فى وجهه واغتالوه وهو صائم، وعاثت هذه الجماعة فى المدينة فساداً بعد ذلك. ومنذ اليوم الأول لتولى على بن أبى طالب أمر الخلافة واجه قوى عديدة كانت ترفض وجوده على مقعد الخليفة، ومن بين هذه القوى «أصحاب الجمل» الذين قادتهم عائشة أم المؤمنين والصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، و«أصحاب معاوية» الذين انحازوا إليه فى الشام وقد واجههم «على» فى موقعة «صفين»، وتخلف عن المواجهة «مقتلة عظيمة» بين المسلمين. وبعد اغتيال على بن أبى طالب على يد أحد الخوارج واستتباب الأمر لمعاوية أراد أن يبنى ملكاً عضوضاً (وراثياً) واستخدم كل وسائل الإغراء بالمال والقهر بالسيف للحصول على البيعة لولده «يزيد».

ولست أقصد من سرد الحوادث السابقة النيل من شخوص الصحابة، رضوان الله عليهم، لكننى أريد التأكيد أنهم كانوا بشراً يتعاملون فى ظروف وسياقات فرضت عليهم اللجوء إلى ما لجأوا إليه من أجل المحافظة على الأمة، وكان كل منهم أحرص من أخيه على القيام بأمرها، وكل منهم كان يجتهد لنفسه من أجلها فيخطئ ويصيب، وجميعهم كانوا مؤهلين للنهوض بهذا العبء الثقيل، لكنهم فى النهاية كانوا أبناء ظروفهم، وأدوا تبعاً لمقتضيات الظرف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحابة أبناء ظروفهم الصحابة أبناء ظروفهم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon