توقيت القاهرة المحلي 19:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نادى "السادة والعبيد"

  مصر اليوم -

نادى السادة والعبيد

بقلم: د. محمود خليل

يتحور البشر لكنهم لا يتغيرون. فطبيعتهم الأساسية الميالة إلى التعصب والتطرف تكاد تكون ثابتة.

مات هتلر فى ألمانيا لكنه تحور فى مئات «الهتالر» الجدد الذين ينادون مثلما نادى بتنقية العرق الأبيض ومعاداة غيره ونبذه، بل والتخلص الكامل منه إذا أتيحت الفرصة.

مات الآباء المؤسسون لتميز «العرق الأبيض» على «السود» فى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنهم تحوروا فى آلاف اليمينيين المتطرفين الذين ينادون بالفكرة ذاتها، وودوا لو عادوا بالزمن إلى الوراء ليستبد السيد الأبيض بالعبد الأفريقى ويسومه سوء العذاب.

فى الشرق مات أصحاب البيوت الكبيرة من التجار والأعيان، تلك البيوت التى كانت تحتشد بجوارى القوقاز والعبيد والإماء من الأفارقة، لكنهم تحوروا فى سادة مال جدد يتزاحم فى بيوتهم الخدم والحشم والعبيد والإماء الذين تم استيرادهم بالمال ليعيدوا بناء المشاهد القديمة فى بيوت المماليك.

الإنسان يتحور لكنه لا يتغير، لأنه يعيش أسير فكرة.

البشر تجرى عليهم جميعاً سنة الموت، فيؤويهم التراب فى نهاية الرحلة، لكن الأفكار لا تموت، إنها مثل العنقاء، التى تختفى فى التراب فجأة، لكنها تظل تتلوى حتى تطل بوجهها من جديد ما وجدت الظرف المواتى والمناخ المناسب للظهور.

وقد أتاحت التكنولوجيا الحديثة التى يسرت للبشر التواصل السهل السريع العابر لحدود الزمان والمكان فرصة لتداول أفكار عديدة كان يظن الناس أن النسيان قد طواها فيما طوى.

على موائد التواصل الاجتماعى أصبحت وجبات التعصب والتطرف والانغلاق على الفكرة المتداولة داخل المجموعة «تعيينا» أساسياً يلتهمه الأفراد على مدار الـ24 ساعة.

ترتكز هذه المواقع على فكرة «المجموعة المغلقة» على أعضائها وعلى ما يؤمنون به من أفكار. والانغلاق يحول دون المجموعة والتفاعل مع أفكار غيرها من المجموعات، بل على العكس يشعل نار الغضب ضد الأفكار المخالفة.

هذه الفكرة المخالفة قد تكون عقيدة أو فهماً لعقيدة أو رأياً سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو تعليمياً أو إنسانياً أو خلافه، يرفض أفراد المجموعة استقباله أو مناقشته، لأنهم يعتبرون مجموعتهم «نادى أصحاب الحقيقة». فهم وحدهم الذين يمتلكون الحقيقة ورأيهم هو الصحيح، وغيرهم يهذى أو «يهرتل»، وبالتالى فعلى من يستمع إلى الآخر الاستعانة بما لديه من مخزون شمعى ليصم به أذنه عن الاستقبال.

التعصب الأعمى للفكرة والمصادرة الشمعية على المخالفين لها هو السبب فى نفور «عرق السيادة» على الشخص، ليستدعى من متاحف التاريخ أكثر الأفكار رداءة وأشد التجارب الإنسانية سوءاً ليجعل منها قاعدة ووقوداً لتعصبه.

الديمقراطية التى تعتمد على مبدأ التعددية والتنوع ما بين البشر، مع المساواة بينهم فى الحقوق، تشكل الأساس الذى قامت عليه الدولة الحديثة.

الحرب الأساسية التى يخوضها اليمين المتطرف فى الغرب والشرق هى «حرب ضد الديمقراطية»، يحدث ذلك حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر دول العالم رسوخاً فى الإيمان بحق الشعب فى الاختيار.

والبديل الذى يحلم به اليمينيون المتطرفون دولة تقوم على فكرة سيادة عرق أو دين أو لغة أو مؤسسة أو جماعة على ما عداها، دولة يحكمها «السادة» ويرضخ فيها العبيد.

سوف يظل أمثال هؤلاء يصرخون بجنونهم، ولن يحققوا شيئاً، لأنهم ببساطة يعملون ضد حركة التاريخ ومنطق العقل وحكمة الأديان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نادى السادة والعبيد نادى السادة والعبيد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon