توقيت القاهرة المحلي 11:21:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أخبار «عرابى» إيه؟

  مصر اليوم -

أخبار «عرابى» إيه

بقلم: د. محمود خليل

مضت السنون على تلك اللحظة التى قاوم فيها «عرابى» الاحتلال والتدخل الأجنبى فى مصر حتى جاءت لحظة توقيع اتفاقية الجلاء يوم 19 أكتوبر 1954.

عندما هُزم الزعيم أحمد عرابى أمام جيش المحتل الإنجليزى فى موقعة التل الكبير، وتم تقديمه للمحاكمة وعوقب بالنفى إلى خارج البلاد، خرجت العديد من الأصوات تلعن «عرابى» وثورته وتتهمه والفلاحين الذين انساقوا وراءه بالسفه والافتقار إلى الحكمة، بل والتآمر على البلاد والتسبب فى احتلالها من الإنجليز.

لم يقف أحد ليفكر وهو يسب الثورة العرابية فى أن الإنجليز كانوا طامعين فى مصر منذ فترة مبكرة، وأنهم حاولوا احتلالها عام 1807، أيام حكم محمد على، ولولا تصدِّى أجداد وآباء الفلاحين الذين اقتنعوا بدعوة «عرابى» لإصلاح أحوال الأمة وإيجاد دستور لها وحكمها حكماً نيابياً لكانت مصر محتلة من حينها.

لم يقف أحد ليفكر فى الأسباب التى دعت هؤلاء السفهاء من الأهالى والفلاحين إلى الاصطفاف وراء «عرابى» ودعم حركته. لم يفكر فيما كان يعانيه هؤلاء من متاعب معيشية وأوجاع إنسانية مع ورثة حكم الوالى محمد على. بل اكتفت جريدة مثل «المقطم» بنعت «عرابى» والعرابيين بكل نقيصة.

عندما عاد أحمد عرابى من منفاه إلى البلاد عام 1901 استقبلته جريدة «اللواء» الناطقة باسم الحزب الوطنى بـ«عاصفة هجوم». ليس ذلك وفقط، بل لقد بادر أمير الشعراء أحمد بك شوقى إلى هجائه بقصيدة يقول مطلعها: «صغار فى الذهاب وفى الإياب.. أهذا كل شأنك يا عرابى؟!».

كان «عرابى» يسمع ما يقال فى حقه، وكان المصريون الذين آمنوا بثورته وآزروه ونصروه يسمعون ما تلوكه الألسنة فى حقهم، ولم يكن لأى منهم حق الرد على ما يقال. اكتفى الجميع بترك الأمر للتاريخ «خير الحاكمين» حتى يقول قولته.

فى عام 1911 توفى الزعيم أحمد عرابى، وشيعه محبوه إلى مثواه الأخير. وفرح من أنكروا عليه ثورته بأن صفحة قد انطوت خلف ستائر النسيان، وأن أحداً بعد اليوم لن يذكر «عرابى» ولا «أيام عرابى» ولا «العرابيين»، لكن تقديرهم كان خاطئاً.

لم يمض أكثر من 8 سنوات على وفاة «عرابى» حتى انتفض المصريون ضد المحتل الإنجليزى فى ثورة جديدة عام 1919 قادها هذه المرة الزعيم سعد زغلول، الذى لم يسلم هو وثورته أيضاً من ألسنة الأحرار الدستوريين، ولا من كتاب الجريدة الناطقة باسم حزبهم والتى كانت تصف سعد ومن معه بالرعاع وتتهمهم بالشعبوية وعدم الفهم والتسطح العقلى.

مضى «عرابى» ومضت ثورته التى وقعت أواخر القرن التاسع عشر، وأشرق القرن العشرون، وولت عقوده وتسربت سنواته، وأطل علينا القرن الحادى والعشرون. وتم طى سجل دولة محمد على، وتخزين أعداد جريدة المقطم فى غياهب سجلات دار الكتب التى علاها التراب، وانتهى عصر الأمراء وشاعر الأمراء والقصور، وبقى أحمد عرابى، وبقيت الثورة العرابية كشاهد على لحظة صدق عاشها المصريون مع أنفسهم وترجموها إلى حركة فى الواقع.. لحظة حقيقة واجهوا فيها أوضاعهم بموضوعية وأرادوا تغييرها.. لحظة حلم بمصر جديدة حرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخبار «عرابى» إيه أخبار «عرابى» إيه



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon