توقيت القاهرة المحلي 06:50:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المذيع البليد

  مصر اليوم -

المذيع البليد

بقلم: د. محمود خليل

الصعيد «مخزن الإبداع البشرى» فى بر مصر.

من هذه البقعة الطيبة من بلادنا خرج أكبر مفكرى التنوير فى تاريخنا الحديث، مثل طه حسين والعقاد، وأعظم الشعراء وكتاب الرواية مثل أمل دنقل وعبدالرحمن الأبنودى ويحيى الطاهر عبدالله وغيرهم، وأجمل الأصوات التى رتّلت وجوّدت القرآن الكريم، مثل محمد صديق المنشاوى وعبدالباسط عبدالصمد وغيرهما.

منذ زمن بعيد لم يزل الصعيد يعطى دون أن يأخذ. تركيبة البشر هناك تسكنها دائماً هذه المعادلة «معادلة العطاء دون انتظار مقابل».

على مدار سنين طويلة كان الصعيد يقدم المبدعين والعلماء والمتميزين فى جميع المجالات إلى القاهرة، فى حين كانت العاصمة كعادتها محكومة برؤية مركزية، تنظر فلا ترى إلا نفسها وأبناءها.

على مدار العقود الماضية أهملت الحكومات المصرية المتعاقبة هذه البقعة من أرض مصر، فلم تبذل الجهد المطلوب فى تنميتها أو تطويرها أو تحسين شروط الحياة لأهلها.

وما أفدح الثمن الذى كان يدفعه أهل الصعيد ثمناً لهذا الإهمال، يكفى أن نتذكر معاً حادثة قطار العياط عام 2002.

يحتضن الصعيد ثلث سكان مصر، هم ذخيرة الخير والحرب والبناء، ما أكثر ما زرعوا وما دافعوا عن هذا البلد وأرهقت سواعدهم فى بنائه، ورغم ذلك لا تعطيهم القاهرة إلا القليل.

الغضب يكون على قدر العطاء. وغضبة أهل مصر جميعهم ضد ما وجّهه أحد الإعلاميين إلى أهل الصعيد كانت بحجم عطاء أهله للبلاد.

إنها أزمة الإعلاميين التى كانت وستظل جزءاً من مأساة الإعلام البليد الذى يجتهد فى إعادة إنتاج الخطاب الرسمى بلا وعى، فيبالغ ويشتط ويبيت ملكياً أكثر من الملك.

هذه الطريقة فى التعاطى مع الخطاب الرسمى لا بد أن يعيد الإعلام النظر فيها، لأنها تضر أكثر مما تنفع، وتصرف الناس عن الاقتناع بما يُقال أكثر مما تجذبهم إليه.

فارق كبير بين من ينتج المحتوى الإعلامى بمنطق الناشط الرسمى أو كاتب المنشورات الدعائية، ومن يجتهد فى إبداع مضمون تفسيرى وتفصيلى يوضّح للناس المشكلات والقضايا والأفكار بأسلوب مهنى ومعلومات دقيقة وموضوعية قادرة على إقناعهم بالفكرة.

الصراخ بالاتهامات وتسفيه أسلوب الشعب والتعالى على طريقة تفكيره فى الدين والدنيا والتاريخ والجغرافيا لا تحل مشكلات، بل تزيد فى عناد الناس ورفضهم رسالة الإعلام وأجهزته التى ينظر إليها من جانب الكثيرين كجزء من أدوات السلطة.

إنك تستطيع أن تقهر فرداً على السير فى طريق معين، لكنك بحال لا تقدر على أن تُغيّر قناعاته الداخلية، وأن تمنعه من أن يُردّد فى سره وهو يسير أنه غير مقتنع بهذا الطريق، أو تحول بينه وبين أن يتباطأ ويتلكع ويخرب لك فى الطريق الذى يسير فيه مجبوراً، حتى تأتى اللحظة التى يستطيع الفرار فيها.

العجز عن الإقناع هو الذى يسوق الإعلاميين إلى تسفيه الشعب والتطاول عليه، تماماً مثل الأب الذى يعجز عن إقناع أبنائه بشىء فينطلق إلى سبهم وشتمهم.

العجز عن الإقناع هو جوهر الفشل والجهل المهنى الذى يعيشه أى «إعلام بليد».

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المذيع البليد المذيع البليد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon