توقيت القاهرة المحلي 06:46:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

بقلم: د. محمود خليل

ربما تذكر أننى حدثتك يوماً عن كتاب «التعادلية» لمؤلفه توفيق الحكيم.

التعادلية ببساطة تعنى التوازن بين عناصر الحياة. فكل عنصر فى الوجود المحيط بنا له عنصر آخر يعادله، لأن سيطرة عنصر واحد بمفرده على حياة البشر تؤدى إلى اختلال ميزانها.

على سبيل المثال: الخير يوازن الشر، والليل يوازن النهار، والأبيض يوازن الأسود، والأخذ يوازن العطاء وهكذا.

لا يُعقل، على سبيل المثال، أن تظل تأخذ وتأخذ وتأخذ دون حساب، ثم تطالب مَن تأخذ منه بالمزيد من العطاء.

كذلك لا يُعقل أن تطلب من شخص أن يعطيك ما لا يستطيع، الطلبات لا بد أن تكون منطقية، والمثل المصرى يقول: «إذا أردت أن تُطاع، فأمر بما هو مستطاع» قدرة البشر على الاستيعاب هى قدرة محدودة بحجم وقدرة، تماماً مثل الدورق الذى إذا تجاوزت حافته وأن تملأه فسوف يتدفق الماء على الأرض، ومثل الجمل إذا وضعت فوق ظهره حمولة تزيد على قدرته على الحمل، فسوف ينخّ أسفل منها، وقد يلفظها كلها عن ظهره.

قياس التحمل هو الأساس فى تحديد حجم الحمولة فى دنيا الجمادات، فما بالك بدنيا البشر، والله تعالى خالق البشر يقول: «لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها» وفى آية أخرى: «لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها».

فى عصر السلطان قنصوة الغورى تضخمت ظاهرة «المماليك الجلبان»، وتكاثر عددهم بصورة لافتة، وأصبحوا جزءاً من مركب الحكم داخل الدولة الجركسية.

تأسست حياة هذه الفئة من المماليك على جيوب الأهالى، وما يمكن أن يجمعوه منهم، فى أحيان لم يكن السلطان الغورى يرضى عن الطريقة التى يؤدون بها مع الناس، لكن حاجته إليهم كانت تصرفه عن وضع حد لتصرفاتهم.

كان ولاء هؤلاء المماليك لأنفسهم ومصالحهم وما يمكن أن يحصدوه من أموال وأسلاب من الأهالى سواء بإرادة السلطان أو بغير إرادته. وكان من السهل جداً على طائفة «الجلبان» التخلى عن قيادتهم فى أشد اللحظات خطورة، بما فى ذلك لحظة المواجهة مع العدو.

وذلك ما حدث بالضبط من جانب المماليك الجلبان حين جد الجد وزحف السلطان التركى سليم شاه نحو الشام، فقد تخلوا عن السلطان الغورى وباعوه فى المواجهة، وكانت النتيجة ما حدث فى معركة مرج دابق.

وعندما تولى السلطان طومان باى الحكم كانت أول خطوة اتخذها هى التخلص من «الجلبان» ورفع ما فرضوه من ضرائب على الأهالى، ووقف كافة أشكال السلب والنهب التى كانوا يمارسونها على الأهالى، ولكن جاءت الخطوة بعد فوات الأوان.

الناس ينوءون بما يحملون فوق ظهورهم، وهم على استعداد للاستيعاب ما دام لديهم طاقة على ذلك، لكن عندما يزيد الحمل، فإن الدنيا تختلف ويبدأ كل ظهر فى نفض ما فوق ظهره، لأن الناس لا يستطيعون تحمل ما لا طاقة لهم به.

القاعدة الإنسانية تقول: لا ترهق الحصان المرهق.

والقاعدة العلمية تقول: المادة لا تُستحدث من عدم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المادة لا تُستحدث من عدم المادة لا تُستحدث من عدم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon