توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

بقلم: د. محمود خليل

ربما تذكر أننى حدثتك يوماً عن كتاب «التعادلية» لمؤلفه توفيق الحكيم.

التعادلية ببساطة تعنى التوازن بين عناصر الحياة. فكل عنصر فى الوجود المحيط بنا له عنصر آخر يعادله، لأن سيطرة عنصر واحد بمفرده على حياة البشر تؤدى إلى اختلال ميزانها.

على سبيل المثال: الخير يوازن الشر، والليل يوازن النهار، والأبيض يوازن الأسود، والأخذ يوازن العطاء وهكذا.

لا يُعقل، على سبيل المثال، أن تظل تأخذ وتأخذ وتأخذ دون حساب، ثم تطالب مَن تأخذ منه بالمزيد من العطاء.

كذلك لا يُعقل أن تطلب من شخص أن يعطيك ما لا يستطيع، الطلبات لا بد أن تكون منطقية، والمثل المصرى يقول: «إذا أردت أن تُطاع، فأمر بما هو مستطاع» قدرة البشر على الاستيعاب هى قدرة محدودة بحجم وقدرة، تماماً مثل الدورق الذى إذا تجاوزت حافته وأن تملأه فسوف يتدفق الماء على الأرض، ومثل الجمل إذا وضعت فوق ظهره حمولة تزيد على قدرته على الحمل، فسوف ينخّ أسفل منها، وقد يلفظها كلها عن ظهره.

قياس التحمل هو الأساس فى تحديد حجم الحمولة فى دنيا الجمادات، فما بالك بدنيا البشر، والله تعالى خالق البشر يقول: «لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها» وفى آية أخرى: «لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها».

فى عصر السلطان قنصوة الغورى تضخمت ظاهرة «المماليك الجلبان»، وتكاثر عددهم بصورة لافتة، وأصبحوا جزءاً من مركب الحكم داخل الدولة الجركسية.

تأسست حياة هذه الفئة من المماليك على جيوب الأهالى، وما يمكن أن يجمعوه منهم، فى أحيان لم يكن السلطان الغورى يرضى عن الطريقة التى يؤدون بها مع الناس، لكن حاجته إليهم كانت تصرفه عن وضع حد لتصرفاتهم.

كان ولاء هؤلاء المماليك لأنفسهم ومصالحهم وما يمكن أن يحصدوه من أموال وأسلاب من الأهالى سواء بإرادة السلطان أو بغير إرادته. وكان من السهل جداً على طائفة «الجلبان» التخلى عن قيادتهم فى أشد اللحظات خطورة، بما فى ذلك لحظة المواجهة مع العدو.

وذلك ما حدث بالضبط من جانب المماليك الجلبان حين جد الجد وزحف السلطان التركى سليم شاه نحو الشام، فقد تخلوا عن السلطان الغورى وباعوه فى المواجهة، وكانت النتيجة ما حدث فى معركة مرج دابق.

وعندما تولى السلطان طومان باى الحكم كانت أول خطوة اتخذها هى التخلص من «الجلبان» ورفع ما فرضوه من ضرائب على الأهالى، ووقف كافة أشكال السلب والنهب التى كانوا يمارسونها على الأهالى، ولكن جاءت الخطوة بعد فوات الأوان.

الناس ينوءون بما يحملون فوق ظهورهم، وهم على استعداد للاستيعاب ما دام لديهم طاقة على ذلك، لكن عندما يزيد الحمل، فإن الدنيا تختلف ويبدأ كل ظهر فى نفض ما فوق ظهره، لأن الناس لا يستطيعون تحمل ما لا طاقة لهم به.

القاعدة الإنسانية تقول: لا ترهق الحصان المرهق.

والقاعدة العلمية تقول: المادة لا تُستحدث من عدم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المادة لا تُستحدث من عدم المادة لا تُستحدث من عدم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon