توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأدهمية تحترق

  مصر اليوم -

الأدهمية تحترق

بقلم : محمود خليل

منذ أن نزل «أدهم» إلى الخلاء وهو يخشى النار. «إدريس» كان يحبها ويهوى اللعب بها، وجاراه فى اللعبة عدد من أبناء وأحفاد «أدهم» فقابلهم الأب بالزجر، لأنه كان يرى النار مادة صُنع منها الأبالسة، وما أكثر ما أحبوا صناعتها. لذلك فقد كان يوم 26 يناير عام 1952 من أشد الأيام بؤساً فى حياة «أدهم» حين وجد ألسنة اللهب تتعالى فى سماء المحروسة منذرة بخطر داهم قادم. كانت الأدهمية تحترق. لا أحد يعرف على وجه التحديد من الذى أشعل حريق القاهرة وترك النيران تتمدد فى كل اتجاه فى ذلك اليوم، قيل الملك، وقيل الإنجليز، وقيل جمعية مصر الفتاة، واتهم غيرهم، لكن فى كل الأحوال لا توجد معلومة يقينية تحسم الجدل.

كان خليل حسن خليل، صاحب رباعية «الوسية»، أحد من عاصروا هذا الحدث عياناً وسماعاً. سجل مشاهداته، وكذا ما استمع إليه فى الجزء الثانى من سيرته الذاتية المعنون بـ«الوارثون». صرخ أحد أصدقائه: «أحرقوا القاهرة»، سأل من الذى أحرقها؟ رد عليه: «رأيت الناس بعينى وكأن الجن قد ركبهم والشياطين قد نفثت النار فى عيونهم وأفواههم وأيديهم، فقلبت القاهرة إلى جهنم». كان رأى «خليل» أن العفن بلغ بالنظام درجة لم تجد الجماهير معها إلا النار لتتعامل معه. كان لا بد من النار لتطهير آثام النظام. جراثيم النظام استشرت فى جسد البلد. فكان لا بد من الحريق للتخلص من النظام وجراثيمه. يصف «خليل» خريطة الحريق ويذكر أنه بدأ من وسط البلد، ليصيب ممتلكات الطبقة الرأسمالية المستغلة، متاجرهم وعماراتهم ومكاتبهم هى التى أُحرقت. لم يكن صاحب «الوارثون» يرى أن الشعب يحرق ثروته ضمن ما يحرق فى القاهرة، بل اعتبر الفعل طبيعياً لأن ألسنة النار لم تعل فى المحال الصغيرة كما ارتفعت فى المتاجر الكبرى والمشروعات الرأسمالية المتمددة التى يملكها نفر من المصريين والأجانب واليهود، فى حين لم يصب الأحياء الشعبية أذى. إنه حريق محلات الأغنياء والأجانب.

وجهة النظر تلك التى تبناها «خليل» لم تكن بعيدة عن تفكير الكثير من الأداهمة الشعبويين، ممن يرون أن النار تحرق لكنها تطهر، وأن الأرض البور إذا أصابتها شعلة الحريق اهتزت وأخصبت وربت. كانت «المحروسة» من وجهة النظر تلك ترقد على بركان يؤذن بالانفجار فى أى لحظة. كثيرون كانوا يتوقعون مع فجر كل يوم أن يسمعوا خبراً مثيراً يخرج من رحم النبوءة ليعلن عن التغيير القادم. كان الأداهم يسألون: يا ترى من القوة التى ستقوم بالخطوة؟. نظر بعضهم كان ينصرف إلى الوفد، الحزب الذى لم يزل يتمتع بمنزلة شعبية خاصة رغم ما أصابه من ضربات، آخرون كانوا يتأملون التغيير من الإخوان أو مصر الفتاة، تلك القوى الجديدة التى اختارت أسماء ثورية لصحفها: «النذير» و«الصرخة» لتعبر عن الرسالة التى تريد الوصول بها إلى الأداهم. بعض أفراد النخبة فقط كانوا يسمعون عن الضباط الأحرار والمنشورات التى توزع باسمهم فى بعض الأماكن، لكن «أدهم الشعبى» لم يكن يعلم شيئاً عنهم، لأنه منشغل فى أغلب الأحوال بالقوى الزاعقة التى تتجول على سطح المشهد. كثير من الأداهم لم يسمعوا عن التنظيم الذى قام بالتغيير إلا صباح يوم 23 يوليو عندما طار صوت «أنور السادات» عبر أثير الإذاعة يعلن للمصريين انطلاق «الحركة المباركة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأدهمية تحترق الأدهمية تحترق



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon