توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باب الفتنة

  مصر اليوم -

باب الفتنة

بقلم: د. محمود خليل

الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. ملعون من يشعلها بين بشر أرهقتهم الحياة بما فيه الكفاية وليسوا بحاجة إلى المزيد.

لا يليق بمصرى ابن حضارة أن يتنابز بالألفاظ مع مصرى مثله.

آلاف السنين ظلت هذه الأرض سكناً لبشر يؤمنون بالسماء على شرائع مختلفة.

فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 وقف زكى عبدالباقى، قاهر خط بارليف، إلى جوار محمد أفندى رافع علم مصر فوق ترابه، يدافعان معاً عن تراب البلد الذى احتضن أحلامهما منذ أن عرفا معنى الحياة، لم يكن وصف «مسلم أو مسيحى» حاضراً فى مخيلة أى منهما.

ما بال البعض من هنا أو هنا يترخص هذه الأيام فى الطعن فى دين الآخر دون أن يبالى بمشاعره والعقيدة التى يؤمن بها؟.

الإسلام ينهى عن ذلك، وينبه المسلم إلى أنه كما أن القرآن الكريم هدى للمتقين «ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين» يؤكد المعنى ذاته فى الإنجيل «وأنزلنا الإنجيل فيه هدى ونور». ومبدأ «لكم دينكم ولى دين» مبدأ رئيسى وأساس من أسس تصور المسلم للدين. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يدعو لمخالفيه فى الدين من عرب مكة: «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون».

وفى الإنجيل نهى واضح عن تتبع خطايا الآخرين: «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر»، وكان المسيح يعلم تلامذته قائلاً: «أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردوكم».

هذا أمر جديد على المصريين الذين لا يفتش طبيبهم فى خانة ديانة مريض قبل أن يقرر علاجه، ولا مهندسهم قبل أن يبنى بيتاً، ولا معلمهم قبل أن يعلم الصغار، ولا عاملهم حين يؤدى خدمة لغيره. لم نكن يوماً كذلك ولن نكون.

الملاسنات المقيتة التى تظهر الآن على مواقع التواصل الاجتماعى لا يتورط فيها إلا السفهاء من المصريين. لا يحب هؤلاء دينهم، لأن أصل الحب فى كل الأديان هو حب الإنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو عقيدته.

ومن العيب أن نوظف أداة للتقارب ما بين البشر عكس وظيفتها فنجعلها وسيلة للتباعد وغرس بذور الفرقة.

لقد كتبت ذات مرة عن «اللورد كرومر» قبل رحيله عن مصر عام 1907 وحكيت كيف اتهم المصريين بالتعصب، وكيف رد عليه أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد، وطلب منه أن ينظر إلى المصريين - مسلمين ومسيحيين ويهود- وكيف يعيشون معاً فى أمن ودعة.

كذلك عاش المصريون دوماً -بغض النظر عن أديانهم- يختلط طعامهم فيما بينهم فى المواسم، ويعجبهم نفس اللون من الموسيقى، وتطربهم نفس الأصوات، وتوجعهم نفس الآلام، وتواجههم نفس التحديات، ويتبركون بنفس الأولياء، ويعيشون شغفاً مشتركاً بطقوس البهجة فى كل المناسبات الدينية.

علينا أن نفهم ونستوعب أن «الفتنة» ليست منتجاً محلياً، ولكن يقف وراءها منتجون أجانب. كرومر الذى كان يتهم المصريين بالتعصب، كان أكثر قيادات الاحتلال الإنجليزى لعباً على وتر الفرقة وخلق الفتن، حتى يطيل أمد احتلاله لتراب البلاد، وعندما أحبط المصريون سعيه، ولم تنفع محاولاته فى تفرقتهم، خرج يتهمهم بالتعصب.

ملعون من يفتح باب «الفتنة» المغلق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باب الفتنة باب الفتنة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon