توقيت القاهرة المحلي 12:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باب الفتنة

  مصر اليوم -

باب الفتنة

بقلم: د. محمود خليل

الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. ملعون من يشعلها بين بشر أرهقتهم الحياة بما فيه الكفاية وليسوا بحاجة إلى المزيد.

لا يليق بمصرى ابن حضارة أن يتنابز بالألفاظ مع مصرى مثله.

آلاف السنين ظلت هذه الأرض سكناً لبشر يؤمنون بالسماء على شرائع مختلفة.

فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 وقف زكى عبدالباقى، قاهر خط بارليف، إلى جوار محمد أفندى رافع علم مصر فوق ترابه، يدافعان معاً عن تراب البلد الذى احتضن أحلامهما منذ أن عرفا معنى الحياة، لم يكن وصف «مسلم أو مسيحى» حاضراً فى مخيلة أى منهما.

ما بال البعض من هنا أو هنا يترخص هذه الأيام فى الطعن فى دين الآخر دون أن يبالى بمشاعره والعقيدة التى يؤمن بها؟.

الإسلام ينهى عن ذلك، وينبه المسلم إلى أنه كما أن القرآن الكريم هدى للمتقين «ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين» يؤكد المعنى ذاته فى الإنجيل «وأنزلنا الإنجيل فيه هدى ونور». ومبدأ «لكم دينكم ولى دين» مبدأ رئيسى وأساس من أسس تصور المسلم للدين. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يدعو لمخالفيه فى الدين من عرب مكة: «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون».

وفى الإنجيل نهى واضح عن تتبع خطايا الآخرين: «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر»، وكان المسيح يعلم تلامذته قائلاً: «أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردوكم».

هذا أمر جديد على المصريين الذين لا يفتش طبيبهم فى خانة ديانة مريض قبل أن يقرر علاجه، ولا مهندسهم قبل أن يبنى بيتاً، ولا معلمهم قبل أن يعلم الصغار، ولا عاملهم حين يؤدى خدمة لغيره. لم نكن يوماً كذلك ولن نكون.

الملاسنات المقيتة التى تظهر الآن على مواقع التواصل الاجتماعى لا يتورط فيها إلا السفهاء من المصريين. لا يحب هؤلاء دينهم، لأن أصل الحب فى كل الأديان هو حب الإنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو عقيدته.

ومن العيب أن نوظف أداة للتقارب ما بين البشر عكس وظيفتها فنجعلها وسيلة للتباعد وغرس بذور الفرقة.

لقد كتبت ذات مرة عن «اللورد كرومر» قبل رحيله عن مصر عام 1907 وحكيت كيف اتهم المصريين بالتعصب، وكيف رد عليه أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد، وطلب منه أن ينظر إلى المصريين - مسلمين ومسيحيين ويهود- وكيف يعيشون معاً فى أمن ودعة.

كذلك عاش المصريون دوماً -بغض النظر عن أديانهم- يختلط طعامهم فيما بينهم فى المواسم، ويعجبهم نفس اللون من الموسيقى، وتطربهم نفس الأصوات، وتوجعهم نفس الآلام، وتواجههم نفس التحديات، ويتبركون بنفس الأولياء، ويعيشون شغفاً مشتركاً بطقوس البهجة فى كل المناسبات الدينية.

علينا أن نفهم ونستوعب أن «الفتنة» ليست منتجاً محلياً، ولكن يقف وراءها منتجون أجانب. كرومر الذى كان يتهم المصريين بالتعصب، كان أكثر قيادات الاحتلال الإنجليزى لعباً على وتر الفرقة وخلق الفتن، حتى يطيل أمد احتلاله لتراب البلاد، وعندما أحبط المصريون سعيه، ولم تنفع محاولاته فى تفرقتهم، خرج يتهمهم بالتعصب.

ملعون من يفتح باب «الفتنة» المغلق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باب الفتنة باب الفتنة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon