توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أنشودة المترو»

  مصر اليوم -

«أنشودة المترو»

بقلم : محمود خليل

مشاهد متعدّدة ومتنوعة تنقلها وسائل التواصل الاجتماعى تشتمل على فواصل إنشاد دينى يقوم بها أطفال أو شباب داخل عربات المترو، وتظهر الفيديوهات الناقلة لهذه المشاهد كم التفاعل من جانب الركاب مع من يقوم بالإنشاد، إذ يتحولون إلى بطانة تردّد «اللازمة» الأساسية للابتهال وهم فى قمة النشوة والوجد. الإنشاد الدينى كما تعلم يشكل جزءاً لا يتجزأ من الوجدان المصرى. وأغلب المطربين الكبار الذين عرفناهم فى القرن العشرين بدأوا تجاربهم الفنية بالإنشاد. هكذا بدأت أم كلثوم ورياض السنباطى على سبيل المثال. كما أن الأدعية شكلت جانباً أساسياً من تجارب الكثير من المطربين، بل قل إننا لا نكاد نستثنى مطرباً واحداً منهم من دعاء أو ابتهال دينى. وليس هناك خلاف على أن ظهور المنتج يرتبط بوجود الجمهور. ولم يكن للكثير من المطربين أن يتفنّنوا فى الأدعية والأغانى الدينية لولا وجود طلب على ذلك.

الجديد فى الظاهرة التى نتحدث عنها يتمثل فى تحول مسألة الإنشاد الدينى من ساحة الاحتراف إلى ساحة البشر العاديين، وحالة الشغف التى أصبحت تعترى من تسوقه الصدفة إلى أحد مسارح عربات المترو التى تشهد طفلاً أو شاباً أو سيدة تنشد فى محبة النبى وأهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم. ولعلك تتفق معى فى أن المصريين مولعون بمحبة أهل البيت، إلى حد دفع البعض إلى اتهامهم بالدروشة فى أحوال، والهوى الشيعى فى أحوال أخرى!. لكن واقع الحال يقول إن المصريين شعب محب للحياة على ما فيها من أوجاع وصعوبات. هذه الصعوبات والأوجاع أحياناً ما تدفعهم إلى حالة من الذوبان فى حالة الإنشاد تلك، وترديد الأناشيد والابتهالات التى تختلط فيها مشاعر الحنين بالأنين، والشكوى لرسول الله بالاستغاثة به (استمع على سبيل المثال إلى استغاثة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب)، والدعاء لله تعالى ببث الأحزان إليه.

فى تقديرى أن ما يجب أن نلتفت إليه ونحن نحلل هذه المشاهد أن المصريين أصبحوا لا يؤثرون ما كان يميزهم تاريخياً من ولع بالانخراط فى حالة «ضحك جماعى هستيرى» مرده السخرية من الأشياء ومن العالم المحيط بهم، وأصبحوا يفضّلون حالة «الأنين الجماعى». الإنشاد -على ما فيه من جمال وجلال- يعكس ميلاً أكبر لدى المصريين إلى الحزن والانخراط فى حالة تبادل شجن كبديل لحالة الضحك بمناسبة ودون مناسبة. للإنصاف لا بد أن نقول إن هذا الميل كان قائماً لدى المصريين منذ عقود طويلة، وكانت الغالبية تمارسه بشكل فردى عند الاستماع إلى الابتهالات أو الأدعية أو الأغانى الدينية. الجديد هو حالة «الجماعية» التى تميز «أنشودة المترو»، التى ينخرط فيها الجميع ويتداولون مشاهدها بقدر كبير من الاحتفاء. المسألة هنا تعدت ما هو دينى وما هو فنى إلى ما هو «اجتماعى». فى حدود علمى فإن محطات وعربات المترو فى بلاد كثيرة تشهد عازفين أو مطربين يقومون بالعزف والغناء، لكن الفارق أن هؤلاء يعبرون فى أدائهم عن البهجة والاحتفاء بالحياة، خلافاً لأنشودة المترو التى تحمل شجناً وشكوى وبثاً واستغاثة أكثر من أى شىء آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أنشودة المترو» «أنشودة المترو»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon