توقيت القاهرة المحلي 22:46:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البنا «ولعبة الدروشة»

  مصر اليوم -

البنا «ولعبة الدروشة»

بقلم: د. محمود خليل

اشتُهر اسم حسن البنا فى الإسماعيلية، وكثر أتباعه بها وتكاتفوا فى ما بينهم لإنشاء دار ومسجد للإخوان، وصفها المؤرخ الإخوانى محمود عبدالحليم بـ«أول دار للإخوان»، وكأنها أول دار فى الإسلام.

أسهمت شركة قناة السويس التى يسيطر عليها الأجانب، هؤلاء الذين يعاملون المصريين معاملة الخدم والعبيد، بمبلغ مالى محترم فى إنشاء دار الإخوان ومسجدها بالإسماعيلية، وهو ما يُسجّله محمود عبدالحليم بلا مواربة، وهو يؤرّخ لتجربة الجماعة، ويعلق على الخطوة التى اتخذها الأجانب بدعم جماعة الإخوان مالياً فى بداياتها الأولى بقوله: «ظنّوها دروشة»، على أساس أن «الدروشة» تعكس رؤى وطقوساً خرافية للدين.

دعونا نفصّل القول فى «الخيط الشعبوى» الذى أتى فى سياق حديث مؤرخ الإخوان عن البدايات الأولى للجماعة على يد حسن البنا، وهو خيط الدروشة.

الدروشة مكون أساسى من مكونات عقل المصرى البسيط، بل وأحياناً ما تشغل ركناً فى المركب العقلى للمتعلمين والمثقفين.

تقول سطور التاريخ إن الخديو إسماعيل حاول أن يقاوم عادة «الدروشة» ولم يفلح. وهى العادة التى يتمدّد فيها المريدون على الأرض بعد حفلات الزار الجماعى ليطأهم شيخ الطريقة بحوافر الفرس الذى يمتطيه، فيدق عظم هذا ويسحق رأس ذاك.

الدروشة ببساطة تعنى التسليم -بلا عقل أو تفكير- لشخص أو جماعة أو صاحب مقام أو صاحب موقع أو صاحب فضيلة، فالشخص أو الصاحب -موضع الدروشة- قد يكون شيخاً فى قبر أو آخر يسعى، قد يكون قائداً أو زعيماً أو مرشداً، قد يكون أيضاً غير ذلك. وفى المجمل تعبّر الدروشة عن حالة تدفع المريد إلى تسليم زمام أمره إلى صاحب الساحة التى يتدروش فيها.

منذ أن بدأ نشاطه، سعى حسن البنا إلى مغازلة هذا الخيط فى العقل المصرى، فقدّم جماعته كجماعة صوفية تسعى إلى ترقيق القلوب عبر الأوراد والأذكار، والسياحة فى أرض الله وقضاء الليالى فى الخلاء، وذكر الله تعالى والتأمل فى المشاهد المحيطة، وإطلاق العنان للخيال ليسرح فى جنان الخلد وما فيها من نعم وأطايب وحياة رخوة ذلولاً، تماماً مثلما كان يفعل «أدهم» -بطل الحكاية الأولى من أولاد حارتنا- بعدما طرده «الجبلاوى» من البيت الكبير عندما كان يخلو إلى نفسه فى ساعات الليل فيذكر أباه والحديقة والحياة الأجمل والأرشد والأعدل التى كان عاشها فى البيت الكبير.

ومن خلال هذه الطقوس الصوفية وضع الشيخ حسن البنا البذرة الأولى لجماعته، وتمكن من جمع المريدين من حوله على أساس أنه صاحب طريقة.

وضع «المريد» هو الخطوة الأولى ضمن سلسلة خطوات يقطعها العضو المنضم إلى حلقة الذكر الإخوانى، ليصبح فى النهاية «جندياً» من جنود الجماعة يسمع ويطيع للمرشد، كما يسمع ويطيع «المريد» لشيخ طريقته.

لقد اخترق «البنا» تلك المساحة المعتمة فى النفس المصرية التى تدفعها دائماً إلى التسليم للشيخ والتمرّغ على أعتابه، وللأب داخل البيت، وللكبير داخل العائلة، وللمعلم داخل حلقة العلم. إنها الثقافة التى رضعها كثير من المصريين منذ لحظات الميلاد الأولى، ثقافة «اسمع كلام فلان وعلان ولا تجادل».

نجح «البنا» فى استقطاب أصحاب هذه الثقافة من البسطاء نجاحاً كبيراً، لأنه استطاع أن يُبصر ويتوقف أمام ما يبصره الجميع ويعبرون عليه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البنا «ولعبة الدروشة» البنا «ولعبة الدروشة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon