توقيت القاهرة المحلي 23:02:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى مسألة الرزق

  مصر اليوم -

فى مسألة الرزق

بقلم: د. محمود خليل

مشكلتنا فى أحيان أننا نأخذ الأمور من على السطح، فنبنى تصورات خاطئة حول مفاهيم دنيوية تشكل أساساً للنجاح أو الفشل فى الحياة.. ولعل الرزق واحد من أهم هذه المفاهيم.

الرزق بيد الله تعالى.. هذه حقيقة إيمانية لا يجادل فيها اثنان.. الله تعالى يقول فى كتابه الكريم: «وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ».

لكن ليس معنى الإيمان بأن الرزق بيد الله أن نتصور أنه يأتى بلا سعى أو جهد. وقد كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول: «لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقنى وهو يعلم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة». فالخالق سبحانه وتعالى عادل، لذا فقد نصّ القرآن الكريم على أن الرزق قرين السعى «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى». فالإنسان محاسب على سعيه ويجزى عليه بعدل الله.

وأساس السعى هو الاجتهاد فى الأرض وليس التواكل: «هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ».

قد تجد فى الحياة إنساناً يسعى ويكد، لكن رزقه فى المال شحيح، ولست بحاجة إلى تذكيرك بأن الرزق أنواع وأشكال وله صور متعددة فى الحياة.

وفى أحيان يشعر الإنسان بأن الله تعالى حرمه من تحقيق هدف معين سعى إليه واجتهد من أجله، لكنه يدرك بعد حين أن الخير فى ألا يدرك ما طمحت إليه نفسه أو هفا إليه فؤاده. فالله تعالى يمنع الإنسان من أشياء لخير الإنسان نفسه، لكنه يدرك الحكمة بعد حين.

فى سورة القصص حكى الله تعالى لنا قصة «قارون»: «إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِى الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ».

كان «قارون» أشهر رجل أعمال فى البلاط الفرعونى، وكنز مالاً لا يعد ولا يحصى، كان يتيه به على قومه، فى وقت كان ينصحه من عركوا الحياة بألا يفرح بما فى يديه، لأن الله لا يحب من يفخر ويختال بما كسب أو حصد.

كان البسطاء من المصريين ينظرون إلى موكب قارون فيقولون: «يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ». لم يتفهم من كانوا يرددون هذا القول أنهم لا يفرقون بين النعمة والنقمة. فما أتخم به قصر قارون وما انتفخ به جيبه لم يكن أكثر من نقمة عليه، وقد ثبت ذلك للناس بعد حين.

نزل عقاب الله بقارون وتبددت ثروته بسبب بغيه وطغيانه: «إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ»، أدرك من كانوا يتمنون حظه بالأمس أنهم كانوا أسعد حالاً منه: «وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا».

الرزق سعى.. والسعى اجتهاد.. والله تعالى يعطى بعلمه.. والإنسان يتفاعل بوعيه المحدود بالزمان والمكان وهو ما يعجزه عن إدراك حكمة الله فى العطاء والحرمان.

وكما أن الرزق إرادة من الخالق فإنه أيضاً وعى واجتهاد وتدبير إنسان: «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى مسألة الرزق فى مسألة الرزق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon