توقيت القاهرة المحلي 23:05:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على باب «الحسين»

  مصر اليوم -

على باب «الحسين»

بقلم: د. محمود خليل

لم يرضَ الحسين بن على عن تنازل أخيه «الحسن» عن الخلافة لـ«معاوية»، وكان يعلم أن معاوية لن يرضى بأن يئول الأمر من بعده إلى الحسن، طبقاً للاتفاق المبرم بينهما، فكان أن اغتاله بالسم، ثم أخذ يطلب البيعة من بعده لولده يزيد.

لم ينطق لسان «الحسين» ببيعة يزيد، بل كل ما حدث أن معاوية جمعه وكبار أبناء الصحابة بالمسجد وخطب فى الناس، وقال لهم إن هذا الجمع من الكبار قد بايعوا «يزيد».

وبعد أن مات معاوية لم يكن لـ«الحسين» أن يسكت على هذا التحول الخطير فى تاريخ الإسلام، خصوصاً أنه كان يعلم من أمر «يزيد» ما يعلم، وكان يرى أن صالح المسلمين فى الدين والدنيا لن يستطيع أن ينهض به هذا الرجل، وقد شرع الكثيرون فى دعوته إلى الوقوف فى وجه هذا الانقلاب الخطير نحو فكرة الملك العضوض (الوراثى).

بدأت الرسائل تتدفق إلى الحسين بن على من جانب أهل العراق يدعونه فيها إلى القدوم إليهم، ليقودهم فى معركة إعادة الوجه الناصع للخلافة الراشدة.

مال «الحسين» إلى إجابة هذه الدعوة، وأخذ يعد العدة للمسير نحو العراق. وتشير كتب التاريخ إلى أن الكثير من كبار أبناء الصحابة حاولوا إثناء الحسين عن التحرك فى رحلته تلك، ونصحوه بالمكوث فى مكة، وكان على رأس هؤلاء «ابن عباس» و«أبوسعيد الخدرى».

ويشير صاحب «البداية والنهاية» إلى أن «الحسين» بدأ يتشكك فيما عزم عليه، وبدأ قراره فى التأرجح بين المكوث والخروج إلى العراق، وهو -فى تقديرى- قول لا ينهض أمام التحليل الموضوعى، خصوصاً إذا أخذنا فى الاعتبار أن «الحسين» سبق أن لام أخاه «الحسن» على التنازل عن الخلافة، وكان ينصحه بقتال «معاوية».

وفى ظنى أن أكثر كتّاب التاريخ حاولوا لىّ عنق مواقف كبار الصحابة من مسألة خروج «الحسين» ضد يزيد من أجل تخطئة موقفه، للتقليل من حجم الحدث الجلل الذى وقع فى كربلاء، حين أُعمل السيف فى الحسين وآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم.

والأرجح أن هؤلاء الكبار لم يمتلكوا الروح الثورية التى كان يمتلكها الحسين بن على، وغلبت عليهم الحسابات السياسية، رغم رفضهم الشديد لدولة الملك العضوض التى بدأت أولى ثمارها بتولية يزيد بن معاوية الحكم.

وصل «الحسين» إلى العراق، فلم يجد أشياعه فى انتظاره كما توقع، بل وجد سيوف بنى أمية مشرعة تريد الولوغ فى دمه ودم أهل البيت.

الكل هرول إلى الاختباء، وصدقت المقالة التى أسمعها أحدهم للحسين وهو يحاول رده عن المسير إلى الكوفة، حين وصف أهل العراق بأنهم «قوم قلوبهم معك وسيوفهم عليك».

وقف «الحسين بن على» أمام باب خيمته فى كربلاء وحيداً، بعد أن انفضّ الناس من حوله قبل سويعات من استشهاده، وقال عبارته الشهيرة: «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا مُحصّوا بالبلاء قلّ الديانون».

إنها العبارة التى لخّصت فلسفة الثائر النبيل عندما خرج ليواجه ما بدا له شديد الخطورة على مستقبل الأمة، والمتمثل فى الانتقال من عصر الخلافة الراشدة الذى أقام الدنيا على قيم الدين إلى عصر الملك العضوض.

انتهى الأمر بـ«الحسين» إلى أن يقف وحيداً غريباً فوق أرض لا يعرفها، ليدفع حياته ثمناً لإيمانه بقضيته، ومن لحظة استشهاده بدأت المأساة الكبرى فى تاريخ المسلمين، التى ما زلنا نعانى من توابعها ونتائجها حتى اليوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على باب «الحسين» على باب «الحسين»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon