توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا تكن "مسعود أبوالسعد"

  مصر اليوم -

لا تكن مسعود أبوالسعد

بقلم: د. محمود خليل

لا يمثل النفاق مجرد حالة أرضية، بل أحياناً ما يتجاوز الأرض وأهلها إلى السماء.

نفاق أهل الأرض معروف ومفهوم. ويمثل حالة يقوم صاحبها بتدليك إنسان معين وتمجيد أفعاله وأقواله، وسكناته وحركاته، وهمساته وآهاته. إنه ببساطة حالة احتفاء وتطبيل وتهليل وتضخيم لسمات شخص بهدف نيل الرضا، بما يترتب على «الرضا» من مغانم ومكاسب يحصدها المنافق.

نفاق السماء حالة مختلفة يظهر فيها الفرد وهو يرتدى ثوب الدفاع عن أصول الدين، وقيمه وأخلاقياته، وقواعده وتشريعاته. ومن ينظر إلى الفرد وهو فى حالة الدفاع تلك يظن أنه ولى من أولياء الله الصالحين، أو قطب من أقطاب الزهد والتقوى والصلاح، أو شيخ من مشايخ الصوفية، ولو أتيحت الفرصة لمراقبة سلوكه فى الحياة اليومية فقد تجد أخلاقياته وأداءه بعيداً كل البعد عما يتشدق به من قيم، وما يدافع عنه من سلوكيات، وما يطنطن به لسانه من شعارات.

يصف الله تعالى البشر الذين تتلبسهم هذه الحالة فى الآية الكريمة التى تقول: «وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون».

دعونا نضرب أمثلة على ما نقول:

اشتعلت الساعات الأخيرة بجدل عجيب حول الفتاة التى التقطت مجموعة من الصور بثياب فرعونية عند هرم سقارة، ومن قبلها اشتعل جدل أكبر حول أزياء بعض الفنانات فى مهرجان الجونة.

الأمر اللافت أن بعض مَن تفاعلوا مع هذين الموضوعين (يجمع بينهما الفستان) بالشجب والإدانة وسكب الدمعات على الأخلاق التى انهارت والقيم التى تآكلت لم يقصروا فى نشر الصور التى تدلل على ما يقولون، ما يعنى بالبداهة أنهم شاهدوها وتملوا فيها ثم أحبوا أن يشيعوها بعد ذلك مشفوعة باللطمية الأخلاقية التى تجلل تعليقهم عليها.

أفهم أن تتحدث عن مسألة غياب الأمن عن الساحات الأثرية التى تمنع الحكومة التصوير فيها إلا بتصريح فى موضوع «فتاة سقارة»، أو تتحدث عن غياب الفن وعدم وجود أفلام مصرية تنافس فى مهرجان الجونة، لكننى لا أفهم أن تنشغل بالفساتين وتنشر الصور التى تراها معيبة ومناقضة للأخلاق من وجهة نظرك.

سلوك تراه مناقضاً لما تؤمن به من أخلاقيات وقيم هل من الحكمة أن تنشره؟ مؤكد أن الإجابة بلا. يبدو من ينشر وكأنه يريد أن يظهر أمام أهل الأرض كمدافع شرس عن القيم والأخلاق وأمام السماء كبرىء مما تفعله حسناوات الأرض بعد أن شبع فرجة عليهن!

سلوك ترفضه عليك ألا تشيعه. فالإيمان الحقيقى لا يعرف ذلك. كما أنه لا يعرف فكرة جلد من تعتبره أنت ومن وجهة نظرك الشخصية مخطئاً، بل يعرف الإشفاق والتماس الأعذار واحترام ظروف غيرك، لأنك لا تعلم كيف ستؤدى لو وضعتك الأقدار فيها.

مشهد لطيف جداً تجده فى فيلم «أرض النفاق»، يظهر فيه مسعود أبوالسعد وهو يخطب فى أهل دائرته الفقراء حتى يعطوه أصواتهم قائلاً: «طوبى للفقراء المفلسين.. ودبشة للأغنياء المترفين»، لينتقل المشهد بعدها إلى استعراض مائدة طعام «مسعود» التى تحتشد بالنعم والأطايب.

لا تكن «مسعود أبوالسعد».. واعلم أن السماء لا تحتاج إلى نفاق أحد. والعاقل من يترك الخلق للخالق ويركز فى أخلاقياته وسلوكياته.

الله تعالى هو الذى يحاسب البشر جميعاً. فدعوا الحساب لمالك يوم الحساب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تكن مسعود أبوالسعد لا تكن مسعود أبوالسعد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon