توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نذير خطر

  مصر اليوم -

نذير خطر

بقلم: د. محمود خليل

الجرائم العجيبة التى نشهدها هذه الأيام تُعد مؤشراً على حالة اهتزاز غير مسبوقة تتعرّض لها الطبقة الوسطى فى مصر.

يكفى على سبيل المثال أن نشير إلى عدد من الجرائم التى ارتبطت مؤخراً بأفراد من هذه الطبقة، مثل جرائم اغتصاب «فتاة مارينا» و«فتاة المعادى» و«فتاة الفيرمونت» وغيرها من الجرائم التى دارت فى المجال المكانى الذى تحيا وتتفاعل فيه الطبقة الوسطى.

مؤكد أن الطبقة الفقيرة تشهد جرائم هى الأخرى، لكن لم تزل هذه الجرائم تقع فى فئة «التقليدى»، مثل جرائم القتل من أجل الشرف أو السرقة أو الخطف أو الاغتصاب (مثل جريمة فتاة المقاولات بفيصل).

على مدار سنوات طويلة كان ينظر إلى ارتفاع معدلات الجريمة فى البيئات الفقيرة كأمر طبيعى يرتبط بعشوائية الحياة وما تولده فى النفس من عشوائية الأخلاق.

وعلى مدار سنوات أطول، كان ينظر إلى الطبقة الوسطى كرمانة ميزان داخل المجتمع وكطبقة حارسة لحالة «التوازن الأخلاقى» داخل المجتمع. فأفرادها ليسوا بحاجة إلى الخطف أو السطو أو الاغتصاب بحكم أن أيديهم عادة ما تطول ما تريده، كما أن نمط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسكنية -البعيدة عن العشوائية- عادة ما تولّد لديهم نوعاً من الانضباط الأخلاقى.

فى أغلب الأحوال، كان يُفترض أن عشوائية حياة الفقراء تؤدّى إلى عشوائية الأخلاق، وأن انضباط حياة الطبقة المتوسطة يصحبه نوع من الانضباط الأخلاقى.

الجرائم المتكرّرة التى يمثل بعض أفراد الطبقة الوسطى أبطالاً لها تقول غير ذلك.

انظر على سبيل المثال إلى وظائف أو مناصب أبطال جريمة «مارينا».. وانظر إلى الشبكة العائلية لأبطال جريمة فيرمونت.. وانظر إلى التركيبة العجيبة لطرفى جريمة المعادى.

وإذا اتفقنا على أن الطبقة الوسطى تنقسم إلى ثلاث شرائح: عليا ومتوسطة ودنيا، فإن سمات أبطال الجرائم السابقة ومسارحها المكانية تدلل على أنها وقعت فى سياق الشريحتين العليا والمتوسطة. أما الشريحة الدنيا من هذه الطبقة فقد هبطت على وجه التقريب إلى الطبقة الفقيرة.

الواقع النظامى الذى يعيش أو يعمل فى سياقه أبطال هذه الجرائم لم يحل دون الانفلات الأخلاقى. ولعل أكثر ما يدلل على ذلك ما أشارت إليه التحقيقات فى بعض هذه القضايا من محاولة بعض المتهمين شراء الضحايا بمبالغ «مملينة» من المال أو عبر التراضى بالتحايل على القانون.

نحن أمام عشوائية أخلاقية مزدوجة تجمع بين استسهال فكرة تجاوز القانون، ثم محاولة القفز عليه بالتحايل.

حالة الاهتزاز التى ضربت الطبقة الوسطى خلال السنوات الأخيرة لها عدة وجوه أخرى غير وجه الجرائم التى نتحدث عنها.

فقطاع عريض من أفراد الطبقة يعانى من هزيمة اقتصادية، وقطاع آخر يعانى من هزيمة نفسية مردها الفشل فى إحداث تغيير فى منظومة الحياة فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، وقطاع ثالث يعانى من «التقاعد» أو «القعود المبكر» فى البيوت، جراء التعقيدات المعيشية التى أوجدها وباء كورونا، وقطاع رابع أصبح غارقاً فى نفاق طوب الأرض وملائكة السماء حتى يعيش.

الهزة العنيفة التى تتعرض لها الطبقة الوسطى فى مصر نذير خطر.. انتبهوا أيها السادة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نذير خطر نذير خطر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon