توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فاسد ومتسول.. وبينهما «مجتهد»

  مصر اليوم -

فاسد ومتسول وبينهما «مجتهد»

بقلم: د. محمود خليل

مقطع فيديو طريف تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعى يظهر فيه طفل متسول يعد أمام أحد الأشخاص حصيلة يوم واحد من التسول تبلغ جملتها 900 جنيه، ويعنى ذلك أن دخل الطفل فى الشهر يبلغ 27 ألف جنيه، وفى السنة 324 ألف جنيه.

رقم لافت.. وربما يكون هناك من يربح أكثر من ذلك عن اليوم الواحد.

أسباب عديدة تقف وراء تفشى ظاهرة التسول هذه داخل المجتمع المصرى. وتميل التقارير البحثية التى صدرت فى هذا السياق إلى التوقف أمام ما هو تقليدى منها، كأن تتحدث عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغيرهما.

الفقر والبطالة ظاهرتان لا يخلو منهما زمان أو مكان، ووجودهما داخل مجتمع لا يعنى بالضرورة ارتفاع معدلات التسول.

وإذا أردنا أن نفهم ظاهرة التسول داخل أى مجتمع فعلينا أن نسأل أولاً عن حال معادلة «الفساد والاجتهاد» بداخله.

بناء على هذه المعادلة تستطيع أن تقسم أى مجتمع إلى 3 فئات: فئة الأثرياء المخمليين، وفئة المجتهدين، وفئة المتسولين.

تتجه فئة المجتهدين من المصريين إلى بذل جهد أكبر لتحقيق دخل يكفى لستر متطلباتها المعيشية، قد يتجلى هذا الاجتهاد فى العمل فى وظيفتين (لاحظ على سبيل المثال ظاهرة العمل فى وظيفة صباحاً وفى إحدى شركات الأمن مساء)، أو من خلال ممارسة أكثر من نشاط يؤدى إلى تحقيق أرباح إلى جوار مرتب الوظيفة الهزيل.

وثمة قاعدة يقتنع بها قطاع لا بأس به من المصريين، ملخصها أن «الاجتهاد يؤدى بصاحبه إلى الستر».

أعلى فئة المجتهدين فى مصر توجد «فئة الأثرياء المخمليين» الذين تداخلت عوامل أخرى مع الاجتهاد فى تكوين ثرواتهم، قد يكون من بينها الرزق الحلال، وقد يكون من بينها أيضاً الفساد.

وثمة قناعة راسخة لدى العديد من المصريين أن أى ثراء يتحقق لفرد لا بد أن يكون مرده الفساد، ويدعم هذه القناعة بعض الممارسات الشاذة والعجيبة من جانب فئة الأثرياء. فها هو فلان يشترى سيارة لزوجته فى عيد الحب ثمنها ملايين الجنيهات.. وها هو علان يتباهى بطائرته الخاصة.. وها هو ثالث يلتقط صوراً له فى قصره المخملى.

صور الحياة المخملية تلك تنتقل بين المصريين فى الوقت الحالى أكثر من أى وقت مضى بسبب وجود الموبايل فى كل يد وتيسُّر الطريق أمام أى شخص يريد أن يطلع أو يشاهد عبر مواقع التواصل.

والنتيجة إعلاء قيمة «الفساد» على قيمة «الاجتهاد». وقد لا يكون من المبالغة أن نقول إن التسول وجه من وجوه الفساد داخل المجتمع.

فالمتسول يتعامل مع زبونه على أنه لص وأن عليه أن يعطيه ويجزل له العطاء حتى يغسل أمواله الغارقة فى مستنقع الذنوب، لذا فإن المتسول الذى لا يأخذ لا يجد غضاضة فى أن يسب الزبون، وإذا أسمعه مجتهد نصيحة توجهه إلى احتراف عمل معين فإنه يلعنه جهراً أو سراً، لأنه يؤمن أن الجميع لصوص.

المتسول يرى أن الجميع يسرقون وينهبون أو فى أقل تقدير متسولون مثله، وإلا بماذا يفسر تلك الإعلانات التى تطن فى أذنه لجمعيات ومؤسسات تطالبه بالتبرع من أجل المرضى والفقراء والعجزة وغير ذلك؟!

التسول جانب من جوانب التشوه العام الذى يعيشه مجتمعنا.. وسوف يظل قائماً ما اختلت معادلة «الفساد والاجتهاد».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاسد ومتسول وبينهما «مجتهد» فاسد ومتسول وبينهما «مجتهد»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon