توقيت القاهرة المحلي 18:52:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة الراعية.. و«عيالها»

  مصر اليوم -

الدولة الراعية و«عيالها»

بقلم: د. محمود خليل

اهتمام خاص أولاه رواد التواصل الاجتماعى يوم 15 يناير من العام الحالى للحديث عن جمال عبدالناصر فى الذكرى 103 لميلاده.

يظل الزعيم الراحل حالة شديدة الخصوصية فى تاريخ تجربة يوليو 1952. شواهد عدة تقول إن الرجل لم يزل حاضراً فى ذهنية ووجدان الكثير من الأجيال التى عاصرته فى سنوات حكمه الأخيرة أو ولدت بعد رحيله بعقود.

الانحياز يولّد فى الكثير من الأحوال نوعاً من التحيز. والمكانة التى ما زال «عبدالناصر» يحتفظ بها لدى العديد من الأجيال أساسها انحيازه إلى الطبقة الفقيرة، والمساحات والفرص التى أتاحها للطبقة الوسطى، هذا الانحياز ولّد نوعاً من التحيز لدى قطاع كبير من المستفيدين من أبناء هاتين الطبقتين لجمال عبدالناصر، ودفع الكثيرين منهم إلى استرجاع أيامه والتشبث بالحالة التى أوجدها طيلة سنين حكمه.

«عبدالناصر» -خلافاً لغيره من حكام مصر- أعطى المصريين أشياء فى أيديهم. منح الفلاحين أرضاً يزرعونها، وأنشأ للعمال مصانع يعملون فيها، ونقابات تدافع عن حقوقهم، أعطى المواطن الفقير والمتوسط دعماً ييسر له الحصول على ما يحتاج من سلع وخدمات بأسعار معقولة، فتح أبواب الجامعات أمام الفقراء ليتعلموا فيها بالمجان، والتزم بتوظيف الخريجين فى مشروعات الدولة.

باختصار اعتمدت تجربة «عبدالناصر» على مفهوم «الدولة الراعية» أو الدولة التى تحتضن المواطن البسيط وتساعده على الحياة، لذلك أحبه البسطاء، ولم تزل تجربته متوهجة فى عقول وأفئدة من قرأوا أو سمعوا عنها وأعجبتهم حتى الآن.

هناك قطاع آخر من المصريين على النقيض من ذلك يرى أن «عبدالناصر» بالغ فى رعاية شريحة عريضة من البسطاء، فحوّلهم إلى «عيال للدولة»، وجعل المواطن عالة على الدولة فى طعامه وشرابه وسكنه وعلاجه وتعليمه وتوظيفه، وأن المبالغة فى إتاحة الفرص أدت إلى تراجع مستوى التعليم فى المدارس والجامعات ومستوى الرعاية الصحية فى المستشفيات الحكومية بسبب الحصول على الخدمة بالمجان، وأدت سياسات الدعم إلى عجز فى موازنة الدولة، وتسبب التزام الدولة بتعيين الخريجين فى خلق مشكلات كبرى داخل مشروعات القطاع العام، أدت إلى فشلها فى مراحل لاحقة.

وحول مفهومى «الدولة الراعية» و«عيال الدولة» احتدم جدل حاد ما بين أجيال متعاقبة من المصريين بعد وفاة الزعيم عام 1970 وحتى اللحظة التى نعيش فيها، وهو ما جعل من «عبدالناصر» شخصية عابرة للعصور والأجيال.

الجانب السياسى لا يشغل المصريين كثيراً عند تقييم تجربة «عبدالناصر». ومن ينتقدون اعتماد نظام الستينات على التنظيم السياسى الواحد والرأى الواحد وصانع القرار الأوحد وغياب التعددية عنه لا يجدون آذاناً مصغية من جانب البسطاء الذين لا يجدون غضاضة فى فكرة الاستفراد بالقرار أو بالرأى أو بالحكم. وليس من المهم أن يكون الحاكم مستبداً، الأهم أن يكون عادلاً، وهم يرون فى «عبدالناصر» إنساناً عادلاً منح الفقراء فرصة فى الحياة.

سوف تظل شخصية «عبدالناصر» من أكثر الشخصيات إثارة للجدل ما بين المثقفين، لكنها أيضاً سوف تبقى الشخصية الأكثر التصاقاً بوجدان الجماهير.. رحمه الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة الراعية و«عيالها» الدولة الراعية و«عيالها»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon