توقيت القاهرة المحلي 21:51:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة الراعية.. و«عيالها»

  مصر اليوم -

الدولة الراعية و«عيالها»

بقلم: د. محمود خليل

اهتمام خاص أولاه رواد التواصل الاجتماعى يوم 15 يناير من العام الحالى للحديث عن جمال عبدالناصر فى الذكرى 103 لميلاده.

يظل الزعيم الراحل حالة شديدة الخصوصية فى تاريخ تجربة يوليو 1952. شواهد عدة تقول إن الرجل لم يزل حاضراً فى ذهنية ووجدان الكثير من الأجيال التى عاصرته فى سنوات حكمه الأخيرة أو ولدت بعد رحيله بعقود.

الانحياز يولّد فى الكثير من الأحوال نوعاً من التحيز. والمكانة التى ما زال «عبدالناصر» يحتفظ بها لدى العديد من الأجيال أساسها انحيازه إلى الطبقة الفقيرة، والمساحات والفرص التى أتاحها للطبقة الوسطى، هذا الانحياز ولّد نوعاً من التحيز لدى قطاع كبير من المستفيدين من أبناء هاتين الطبقتين لجمال عبدالناصر، ودفع الكثيرين منهم إلى استرجاع أيامه والتشبث بالحالة التى أوجدها طيلة سنين حكمه.

«عبدالناصر» -خلافاً لغيره من حكام مصر- أعطى المصريين أشياء فى أيديهم. منح الفلاحين أرضاً يزرعونها، وأنشأ للعمال مصانع يعملون فيها، ونقابات تدافع عن حقوقهم، أعطى المواطن الفقير والمتوسط دعماً ييسر له الحصول على ما يحتاج من سلع وخدمات بأسعار معقولة، فتح أبواب الجامعات أمام الفقراء ليتعلموا فيها بالمجان، والتزم بتوظيف الخريجين فى مشروعات الدولة.

باختصار اعتمدت تجربة «عبدالناصر» على مفهوم «الدولة الراعية» أو الدولة التى تحتضن المواطن البسيط وتساعده على الحياة، لذلك أحبه البسطاء، ولم تزل تجربته متوهجة فى عقول وأفئدة من قرأوا أو سمعوا عنها وأعجبتهم حتى الآن.

هناك قطاع آخر من المصريين على النقيض من ذلك يرى أن «عبدالناصر» بالغ فى رعاية شريحة عريضة من البسطاء، فحوّلهم إلى «عيال للدولة»، وجعل المواطن عالة على الدولة فى طعامه وشرابه وسكنه وعلاجه وتعليمه وتوظيفه، وأن المبالغة فى إتاحة الفرص أدت إلى تراجع مستوى التعليم فى المدارس والجامعات ومستوى الرعاية الصحية فى المستشفيات الحكومية بسبب الحصول على الخدمة بالمجان، وأدت سياسات الدعم إلى عجز فى موازنة الدولة، وتسبب التزام الدولة بتعيين الخريجين فى خلق مشكلات كبرى داخل مشروعات القطاع العام، أدت إلى فشلها فى مراحل لاحقة.

وحول مفهومى «الدولة الراعية» و«عيال الدولة» احتدم جدل حاد ما بين أجيال متعاقبة من المصريين بعد وفاة الزعيم عام 1970 وحتى اللحظة التى نعيش فيها، وهو ما جعل من «عبدالناصر» شخصية عابرة للعصور والأجيال.

الجانب السياسى لا يشغل المصريين كثيراً عند تقييم تجربة «عبدالناصر». ومن ينتقدون اعتماد نظام الستينات على التنظيم السياسى الواحد والرأى الواحد وصانع القرار الأوحد وغياب التعددية عنه لا يجدون آذاناً مصغية من جانب البسطاء الذين لا يجدون غضاضة فى فكرة الاستفراد بالقرار أو بالرأى أو بالحكم. وليس من المهم أن يكون الحاكم مستبداً، الأهم أن يكون عادلاً، وهم يرون فى «عبدالناصر» إنساناً عادلاً منح الفقراء فرصة فى الحياة.

سوف تظل شخصية «عبدالناصر» من أكثر الشخصيات إثارة للجدل ما بين المثقفين، لكنها أيضاً سوف تبقى الشخصية الأكثر التصاقاً بوجدان الجماهير.. رحمه الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة الراعية و«عيالها» الدولة الراعية و«عيالها»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon