توقيت القاهرة المحلي 23:20:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«القوة المطلقة».. «مفسدة مطلقة»

  مصر اليوم -

«القوة المطلقة» «مفسدة مطلقة»

بقلم: د. محمود خليل

الديمقراطيون عقدوا العقدة وأعربوا عن إصرارهم على عزل «ترامب»، إن لم يكن من خلال نائبه «بنس» فعبر «الكونجرس».

توجُّه الديمقراطيين لتنفيذ الخطوة أثار حفيظة الجمهوريين من أنصار «ترامب» وهددت الجماعات اليمينية المتطرفة بالويل والثبور وأعاظم الأمور، إذا نفذ السهم وعُزل «ترامب».

كما ذكرت لك منذ ثلاثة أيام: «أمريكا على المحك».

المسألة لا تعود إلى صعود «ترامب» إلى الحكم ثم نزوله عنه، بل هى أبعد زمناً من ذلك بكثير، إنها تعود إلى اللحظة التى تفكك فيها الاتحاد السوفيتى، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تغرِّد وحدها على مسرح النظام السياسى العالمى.

منذ عام 1991 وأمريكا تشعر بأنها استفردت بالعالم، وأصبحت القطب الأوحد الذى يتحكم فى دوله. هذه الحالة ولدت شعوراً لدى صناع القرار والسياسيين فى الولايات المتحدة بفائض قوة، وأن أحداً لن يستطيع معهم إلا الطاعة وتنفيذ الأوامر.

فائض القوة أو غرورها يؤدى بصاحبه إلى نوع من الاضطراب فى التفكير، وشعور صناع القرارات فى الإدارة الأمريكية بأنهم يغردون وحدهم أفقدهم التوازن الذى تمتع به آباؤهم أيام الحرب الباردة.

فالإحساس بوجود قوة موازية يخلق نوعاً من التعادلية التى تؤدى إلى التوازن، والتعادلية هى أصل الأشياء فى الكون والفضاء المحيط ببنى البشر، كما يقرر توفيق الحكيم -رحمه الله- فى كتابه «التعادلية».

لقد فقدت الولايات المتحدة إحساس التوازن مع تفكك الاتحاد السوفيتى ففقد العديد من مسئوليها فضيلة الاتزان.

حاول المفكرون والسياسيون الأمريكان اختراع عدو بديل، ووجدوا ضالتهم فى الإرهاب والجماعات الإرهابية، خصوصاً بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001.

الإحساس بفائض القوة وغرورها هو الذى دفع الولايات المتحدة إلى غزو العراق عام 2003 تحت زعم امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل، وقد أثبت تتابع الأحداث أن حرب «بوش» الذى كان يصف نفسه بـ«الرئيس المؤيد من الله» تأسست على «كذبة كبيرة».

دفعت أمريكا ثمن الحرب على العراق ضحايا ومصابين ومليارات من الدولارات كانت سبباً -كما يقدر البعض- فى الأزمة المالية العقارية التى ضربت الولايات المتحدة وزحفت من بعدها إلى أوروبا عام 2008.

ومع وصول «ترامب» إلى الحكم عام 2017 بدأت نعرة القوة التى كانت توجَّه إلى الخارج فى أوائل عهده تجد لها صدى فى الداخل الأمريكى، وكان جوهر هذا التحول متعلقاً بالإحساس بقوة «العِرق الأبيض» على أصحاب البشرة السمراء، وإحساس أصحاب المال والأعمال بالتفوق على أفراد الطبقة الوسطى، وخلاف ذلك.

الشعور بالقوة أفقد الولايات المتحدة الإحساس بالتوازن الداخلى، ففقد ساستها اتزانهم.

«ترامب» فقد اتزانه حين قرر رفض نتيجة الانتخابات الرئاسية، وأخذ يردد أنه الفائز فيها، ثم حرض أنصاره على اقتحام مبنى الكونجرس يوم 6 يناير، ثم تاب وأناب وسلَّم بالهزيمة وأعلن أنه سوف يسلم السلطة إلى «بايدن» فى 20 يناير الجارى.

«بايدن» والديمقراطيون فقدوا اتزانهم هم الآخرون حين قرروا اتخاذ التدابير لعزل «ترامب» قبل بضعة أيام من تركه البيت الأبيض، فهددت «بيلوسى» وتوعدت، ثم بدأت فى اتخاذ إجراءات عملية، نالت تأييداً من جانب «بايدن»، لإمضاء عزمها على عزل خصمها اللدود.

الآن وصلت الولايات المتحدة إلى مفترق طرق، وأثبتت بالتجربة أن «القوة المطلقة» تساوى «مفسدة مطلقة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«القوة المطلقة» «مفسدة مطلقة» «القوة المطلقة» «مفسدة مطلقة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon