توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«فى بضع سنين»

  مصر اليوم -

«فى بضع سنين»

بقلم: د. محمود خليل

درس بليغ تحمله الآيات الثلاث الأولى من سورة الروم، قد يفيد التذكير به.

يقول الله تعالى «الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِى أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِى بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ».

عندما وقعت الحرب بين الفرس والروم أيام النبى -صلى الله عليه وسلم- انقسم المجتمع المكى إلى فريقين: فريق المشركين المؤيد للفرس، لأنهم وثنيون أمثالهم، وفريق المؤمنين الذين أيدوا الروم لأنهم أهل كتاب، وحدث أن انتصر الفرس على الروم فشمت المشركون، ثم نزلت تلك الآيات الكريمات التى تبشر بإعادة الكرة وانتصار الروم على عدوهم فى بضع سنين، أى فى مدة تقل عن 10 سنوات.

الانتصار أداء. والهزيمة أيضاً أداء. وكل ما تنبأت به الآيات الكريمات أن أداء الفرس بعد النصر سوف يؤدى بهم إلى الخسارة، وأن أداء الروم بعد الخسارة سوف يؤدى بهم إلى النصر.

فى الجولة الأولى التى انتصر فيها الفرس أجاد ملكهم «كسرى» فى اختيار قادة المعركة، فأسندها إلى اثنين من قواده دقق فى اختيارهما بناء على معيارى القوة والذكاء، كان أولهما قائداً يسمى «فرخان» والثانى يسمى «شهريراز».

تمكن القائدان من قهر الروم وهزيمتهما هزيمة منكرة، وبعد النصر بدأت الفتنة تضرب بأيديها وأرجلها فى معسكر الفرس. فقد حلم أحد القائدين «فرخان» بالجلوس على عرش «كسرى».

اتكأ «فرخان» يوماً بين بطانته وسألهم: أليس من حق من قاد الفرس إلى النصر الجلوس على العرش؟. فقالت البطانة «بلى»!. وصل الكلام إلى «كسرى» فقرر التخلص منه وأغرى به أخاه، ووعده بأن يضعه مكانه إذا تمكن من قتله.

شعر الأخوان بالخطر، فما كان منهما إلا أن اتصلا بقيصر الروم، واتفقا معه على خيانة «كسرى» وتمكين الروم من رقاب الفرس وهو ما رحب به القيصر.

فى الوقت الذى كان الحسد والغيرة والخيانة والانشغال بالعرش تشغل قادة الفرس كان الروم يرتبون لإعادة الكرة على عدوهم ويستعدون بكل ما أوتوا من قوة للثأر من هزيمتهم الأولى، وهو ما تحقق بالفعل بعد 9 سنوات.

الانتصار والهزيمة أداء، ومعالم الأداء تتجلى خلال عدة سنوات يرتفع فيها أقوام، وينكسر فيها آخرون، يتحول فيها القوى إلى ضعيف، والضعيف إلى قوى.

لقد أراد الله تعالى أن يعلّم الخلق الدرس، ويثبت لهم بالتجربة العملية أن النجاح يساوى جهداً بشرياً معتبراً وسعياً حثيثاً نحو تحقيق الأهداف يمتد لسنوات.

كان من الممكن أن ينتصر الروم من البداية، وكان من اليسير أن يكروا على الفرس بعد شهر أو عام من الهزيمة.

فالله تعالى صاحب الأمر قبل وبعد «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ»، لكنه جل وعلا أراد أن يتعلم البشر الدرس ويفهموا أن النجاح أو الفشل أداء ممتد عبر زمن، يحوّل الهزيمة إلى نصر، ويحيل النصر إلى هزيمة.

لا يغرنك نصر وهمى يحققه طرف على آخر فى صراعات الحياة، فما أسهل أن تتغير المعادلة، وتختلف الظروف، بمرور الوقت.

وتبقى الحقيقة الدائمة أنه أمام النصر أو الهزيمة لا بد أن يفتش العاقل عن الأداء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فى بضع سنين» «فى بضع سنين»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon