توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صرخة «امرأة»

  مصر اليوم -

صرخة «امرأة»

بقلم: د. محمود خليل

منذ اللحظة الأولى التى يقف فيها أى متأمل أمام رحلة حياة السيدة زينب بنت على، رضى الله عنها، سوف يسيطر عليه شعور بأنه أمام شخصية غير عادية، شخصية امرأة جمعت بين الصلابة والرقة، والثبات والجزع، والكفاح والهدوء.

المتأمل لحياة عقيلة بنى هاشم يجد نفسه بصدد شخصية لعبت دوراً فارقاً فى تاريخ الإسلام، وتمكّنت فى لحظة تاريخية مأساوية من حفظ النسل النبوى، نسل محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم.

وحول هذا النسل تحلقت واحدة من كبرى الفرق الإسلامية، بل قُل تحلق نصف المسلمين، الذين انقسموا إلى معسكرين، معسكر الشيعة الذين انحازوا إلى حق أهل بيت النبى فى خلافته، ومعسكر أهل السنة الذين مالوا إلى ما حققته الدولة الأموية والخلافة السنية من استقرار فى ديار المسلمين، ومثلت حالة صارخة من حالات تسخير الدين لخدمة أهداف سياسية.

رحلة طويلة خاضتها عقيلة بنى هاشم منذ عام 6هـ، حتى توفاها الله عام 62هـ. رحلة جللتها الأحزان والنزوح من قطر إلى قطر والسفر من مكان إلى مكان، حتى استقر بها المقام فى مصر، حيث التف حولها أهلها، فواسوها وواستهم، ووجدوا فيها ملاذاً من ظلم بنى أمية، وركناً ركيناً يأوون إليه فى الشدائد، ونسمة كريمة من نسمات أهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، اختص بها الله تعالى مصر، دون غيرها من بلاد المسلمين.

أطلق المصريون وصف «رئيسة الديوان» على السيدة زينب وقالوا إن الحكام يجتمعون عندها، ولا يستطيع أحدهم أن يتّخذ قراراً دون مشورتها، فلجأوا إليها بشكاواهم، خصوصاً ضعافهم الذين لقبوها بـ«أم العواجز».

وحتى يوم الناس هذا لم يزل المصريون يهرعون إلى مقامها الطاهر، يشكون إليها ضعف الحال وقلة الحيلة، يناجونها بآلامهم وأحزانهم، وما أكثر ما تكون الشكوى والمناجاة وسيلة لتخفيف الآلام عن النفس.

فى كل عام يفِد إلى مقامها المصريون من كل فج بأرض المحروسة، احتفالاً بالذكرى العطرة لمولدها. ذكرى «الوليدة السعيدة» التى سماها النبى، صلى الله عليه وسلم، «زينب»، وشاء الله أن تكون رحلة حياتها بحراً من الأحزان.

فى اللحظة التى صرخت فيها السيدة زينب: «ليت السماء تقع على الأرض»، وهى ترى مصرع الحسين فى كربلاء بدأت المأساة الكبرى.

تمنّت العطوف الرحيمة لو قامت القيامة، لو زُلزلت الأرض زلزالها، وانطبقت السماء على الأرض فمحت ما عليها.

إنها الرغبة فى التدمير التى تعترى النفس البشرية وهى تعيش أعمق لحظات ضعفها، وأشد حالات يأسها وعجزها عن حماية من تحب.

لم تقع السماء على الأرض وقتها، بل ظلت فى مكانها، لكن الصرخة ظلت باقية قادرة على العبور من جيل إلى جيل، وبمرور الزمن تلقفها الشيعة، فخاضوا حرباً شرسة ضد مسلمين أمثالهم من أهل السنة، وانخرط السنة فى حروب مريرة ضد الشيعة وفكر الشيعة.

وهى حروب لم تزل باقية حتى اليوم تدمر فى طريقها الإنسان والمكان، وهى فى كل الأحوال تُترجم صرخة السيدة زينب فى كربلاء وهى تقول «ليت السماء تقع على الأرض».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صرخة «امرأة» صرخة «امرأة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon