توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زمان يا «كدب»

  مصر اليوم -

زمان يا «كدب»

بقلم: د. محمود خليل

الكذب هو أكبر حقيقة فى عالمنا المعاصر. فأقرب ما يأتى على ذهن البعض عند الرغبة فى الخروج من أى مأزق هو الكذب.. ولشعبنا الطيب مثل لطيف يقول «قالوا للحرامى احلف قال جالك الفرج».

ورش صناعة الأكاذيب تتزاحم على مواقع التواصل الاجتماعى.. ومصانع تغليف وتوزيع الأكاذيب داخل وسائل الإعلام أحياناً ما تعتمد على بضاعة هذه الورش الصغيرة.

تنطلق الكذبة عبر تغريدة أو تدوينة أو موقع مجهول لتتلقفها يد الإعلام وتبدأ فى العمل عليها وتطوير طبختها ووضعها فى علب وأغلفة شيك وتوزيعها على الجمهور. مؤكد أن هناك مصانع إعلامية تواجه الكذب بالحقائق.. وقد تكون مدفوعة فى ذلك برغبة صادقة فى الدفاع عن الحقيقة، وقد تكون مدفوعة بأسباب سياسية أو مصالحية معينة، حين تأتى الكذبة على لسان خصم أو تقدم سنداً لمصالحه.

عقب وصول «ترامب» إلى البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية عام 2016، بشر الكثيرون بدخول العالم إلى عصر جديد، وصفوه بـ«عصر ما بعد الحقيقة». وهو العصر الذى يتأثر فيه الجمهور بالمشاعر والاستمالات العاطفية أكثر مما يتأثر بالحقائق والمعلومات.

اتهمت بعض وسائل الإعلام الأمريكى «ترامب» بالكذب، بل وتجد صحيفة مثل الواشنطن بوست لجأت إلى استحداث وحدة تعمل على تحليل وتبيين بعض الأكاذيب التى تظهر فى تغريداته أو تصريحاته.

الأكاذيب لم تكن آلية من الآليات التى يستخدمها «ترامب» وحده، منافسوه أيضاً -من الديمقراطيين- كانوا يلعبون اللعبة نفسها. فعندما يضرب «الاستقطاب» سكينه فى المجتمع ويحدث ما يتمناه صناعه من انقسامات بين أفراده تنتشر صناعة الكذب وتنمو أدواتها وتروج سلعة الأكاذيب ويكثر استهلاكها. التلاعب بالعقول عبر الأكاذيب والمعلومات المطبوخة ليس جديداً، بل هو قديم قدم الإنسان. فى الحرب العالمية الثانية استخدم الألمان الأكاذيب، واستخدمها أيضاً خصومهم.

تداعيات هذه الأكاذيب وصلت حينذاك إلى مصر، وانقسم المصريون بين مؤيدين ومروجين للألمان وللحاج محمد هتلر، ومتحمسين للإنجليز والحلفاء ومؤيدين ومروجين لما يصدر عنهم. أكبر أكذوبة دارت رحاها بين المصريين فى ذلك الحين تمثلت فى «المخزن رقم 13» الذى كان يردد أنصار الألمان أن هتلر يدخر فيه سلاحاً سوف يحسم به الحرب لصالحه.

جيل المصريين الذى تربى على هذه الأكاذيب كان مستعداً -بصورة أو بأخرى- لاستقبال ما راج من أكاذيب خلال فترات لاحقة وركل الحقائق التى يراها الجميع تحت الأقدام.

كل كارثة شهدها العالم ككل أو إحدى دوله عادة ما تسبقها كذبة كبرى تروج وتنتشر، وتجد مناخاً مواتياً داخل المجتمعات المنقسمة على ذاتها، والتى يتوزع ناسها على فرق، كل فريق بما لديهم فرحون ومصدقون ومهللون، وتتوه الحقائق فى ضجيج الزحام. وتسير الأمور على هذا النحو حتى تقع الكارثة.

المتأمل للآية الكريمة التى تقول: «وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون»، التى ربطت ما بين فكرة الكذب والتكذيب وفكرة الرزق والاسترزاق تضعنا أمام حقيقة أن «الكذب صناعة»، ومجىء الآية الكريمة فى سورة الواقعة يضعنا أمام حقيقة أخرى ملخصها أن «الكذب» لا بد وأن ينتهى بـ«واقعة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمان يا «كدب» زمان يا «كدب»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon