توقيت القاهرة المحلي 08:06:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لعبة الخوف

  مصر اليوم -

لعبة الخوف

بقلم: د. محمود خليل

فى لمح البصر وبوباء مثل أوبئة كثيرة عرفها الإنسان، تحول الكوكب كله إلى ما يمكن وصفه بـ«أرض الخوف».

خاض البشر تجربة «كوفيد 19» الأولى أوائل العام الحالى وما تبعها من إجراءات إغلاق. لم يستطع أغلبهم تحديد حجم الخطر المرتبط بالفيروس أو تقييم النتائج المترتبة على الإغلاق، ولكن بمرور الوقت بدأت الأمور تتكشف فسكنهم إحساس بالاضطراب والارتباك.

خلال أشهر الصيف الماضى بدأت الأمور تتحسن بعض الشىء على مستوى انتشارية الفيروس، وعودة الحياة إلى طبيعتها، فتفاءل الناس بالقادم.

اختلفت الأمور مع دخول فصل الخريف، حيث عاد منحنى الفيروس إلى الصعود، ومع هبوب رياح أول يوم من أيام الشتاء (21 ديسمبر) فوجئ أهل الأرض بظهور «كوفيد الابن» المتحور عن «كوفيد الأب»، وهو فيروس أسرع انتشاراً من سابقه.

هنالك سكن الناس إحساس خطير بالخوف، وتضاعف خوفهم وهم يتوقعون النتائج التى سوف تترتب على لجوء الحكومات إلى الإغلاق. الخوف إحساس بشرى طبيعى. فكل الناس يخافون، بل قل إن الله تعالى خوّف الإنسان من الأرض منذ بدء الخليقة، وحذر آدم وحواء من الخروج من الجنة ويكون مصيره إلى أرض الشقاء «فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى».

الخوف شكل من أشكال الابتلاء فى الحياة على الأرض، بل قد يكون أخطر هذه الأشياء. يقول الله تعالى: «ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال». فالخوف أعظم خطراً من الجوع ونقص الأموال، لذا فقد تقدم عليهما فى الآية الكريمة.

والله تعالى لا يتحدث عن خوف كامل شامل، بل عن «شىء من الخوف». وعلينا ألا ننسى أن المهمة المقدسة التى أخذها الشيطان على عاتقه بهدف ركوب البشر تبلورت فى الخوف: «إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين».

«شىء من الخوف» قد يصلح حال الإنسان على الأرض، لكن سيطرة الخوف بشكل كامل على الحياة والأحياء، يعطل كل حى ويوقف دوران الحياة.

من الطبيعى أن نخاف من ابتلاءات الحياة، لكن علينا ألا نعمق الخوف بداخلنا بهذه الصورة.

ولو أنك لاحظت أداء وسائل الإعلام أو محتوى وسائل التواصل الاجتماعى خلال الأيام الأخيرة فستجد أنها تبالغ فى تخويف الناس وإرعابهم بصورة غير طبيعية.

منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها يمرض أناس فى كل لحظة.. ويموت أناس فى كل لحظة.. ليس المرض أو الموت بالأحداث الجديدة فى دنيا البشر. وكذلك الأوبئة ليست بجديدة هى الأخرى.

الجديد فى هذا العصر هو أداء الإعلام التقليدى والإعلام الافتراضى الذى يغذى البشر بأحاسيس متفاوتة من الخوف، وكأنه يريد ركوب عقل ووجدان الناس، مثلما يركب الشيطان أولياءه عن طريق تخويفهم.

الخوف إحساس ضمن مجموعة من الأحاسيس التى تحكم حياة البشر. وكما قلت لك فإن «شيئاً من الخوف» مطلوب من أجل دفع الإنسان إلى التحفظ والاحتراس والتماس السبل التى تحول بينه وبين الوقوع فى براثن الفيروس.

لكن علينا ونحن نمارس لعبة الخوف من كورونا ألا نفقد إيماننا بأن الحياة أقدار وأنصبة.

ثمة فارق كبير بين الخوف الذى يحمى والخوف القاتل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة الخوف لعبة الخوف



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon