توقيت القاهرة المحلي 18:49:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللغة المهدورة

  مصر اليوم -

اللغة المهدورة

بقلم: د. محمود خليل

يوم 18 سبتمبر الجارى احتفلت دول العالم باليوم العالمى للغة العربية.

كل عام يمر يؤكد معنى الذكرى الذى يتغلغل شيئاً فشيئاً إلى اللغة العربية فى غفلة من أهلها. فالمساحة التى تحتلها العربية فى حياة العرب تتراجع شيئاً فشيئاً كأداة للتواصل والتفاعل والتعبير. وليس من المستبعد أن يأتى يوم تصبح فيه اللغة العربية غريبة بين أهلها.

أسباب عدة تقف وراء عملية التحلل الممنهج التى تخضع لها العربية منذ عقود طويلة. لعل أخطرها اللغة الجديدة التى بدأت تروج بين جيل الشباب المتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى.

لو تأملت جيداً اللغة التى يستخدمها شباب اليوم على مواقع التواصل الاجتماعى فسوف ترى عجباً. فالكلمات المعربة (مثل ترند وهاشتاج وشات وانفلونسر وريموت وبلوج وفلوج وبلوجر وفلوجر وفيدباك ولايك وشير وكومنت وبيج وأكونت وغير ذلك) تكاد تتساوى مع المفردات العربية التى تستخدم فى التعبير عن الأفكار والمشاعر لدى الشباب. واللافت أن مسألة التعليم لا تفرق كثيراً على هذا المستوى، فأياً كان تعليم الشاب، فإنه يعرف هذه المفردات ويحفظها جيداً ويستخدمها بلا حدود.

المسألة لا تتوقف عند هذا الحد. فثمة قطاع آخر من جيل الشباب لا يجيد الكتابة بالعربية -وربما الحديث أيضاً- لأنه تعلم فى مدارس لغات تهتم باللغات الأجنبية أكثر من اللغة القومية. وهذا القطاع لا يعرف إلا اللغة الإنجليزية وسيلة للتعبير عن أفكاره ومشاعره.

ولا يستطيع أحد أن يقفز على الثقافة الاجتماعية التى سيطرت على العديد من الأسر وجعلتها أميل إلى الاهتمام بتعليم أبنائها بلغات أجنبية، بسبب متطلبات سوق العمل، رغم عدم وجود ما يمنع من أن تهتم مدارس اللغات بتعليم العربية جنباً إلى جنب مع اللغات الأجنبية. فتعلم اللغات الأجنبية ضرورة ووسيلة مهمة للتواصل مع ثقافة العصر، لكن تعليم اللغة العربية مهم هو الآخر كوسيلة لتكوين وتشكيل هوية المتعلم.

ملمح آخر تجده فى لغة الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى يتعلق باستخدام لغة الفرانكو آراب، من خلال استخدام حروف اللغة الإنجليزية فى كتابة المفردات العربية. ولك أن تعلم أن عبدالعزيز باشا فهمى تبنى اقتراحاً باستبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية فى كتابة المفردات عام 1943، وقوبل هذا المقترح بعاصفة من الرفض والاستهجان، واعتبر البعض أن مقاومته جزء من جدول أعمال الوطنية المصرية.

لم يكن عبدالعزيز باشا فهمى يعلم أن المصريين سيلدون جيلاً ينفذ مقترحه بصورة تلقائية ودون تلكؤ. وهو جيل التواصل الاجتماعى.

إذا أضفت إلى التحول السابق المرتبط بالواقع الافتراضى التحولات التى شهدتها بعض المدن العربية بعينها، حيث أصبحت الإنجليزية لغة التواصل فى المطاعم والكافيتريات والمتاجر والمواصلات داخل هذه المدن، فلك أن تتخيل النتائج التى يمكن أن تترتب على هذا الزواج الجهنمى الهادف إلى تحييد وتهميش اللغة العربية فى الواقع الافتراضى والعالم الواقعى.

الحزن على واقع العربية لا يكفى، بل لا بد من بذل جهود أكبر من جانب مجامع اللغة العربية وجمعيات الحفاظ على اللغة ومؤسساتنا التعليمية ووسائل الإعلام وغيرها لإعادة الاعتبار إلى «العربية المهدورة».

لا يعقل أن نجد مجتمعاً مثل المجتمع الإسرائيلى يحيى لغة ميتة فى وقت نقتل نحن فيه لغة حية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللغة المهدورة اللغة المهدورة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon