توقيت القاهرة المحلي 19:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخروج من «الحلة»

  مصر اليوم -

الخروج من «الحلة»

بقلم : محمود خليل

لأول مرة فى تاريخ السودان يوضع فيلم ضمن قائمة ترشيحات مسابقة الأوسكار فى فئة أفضل فيلم أجنبى. الفيلم هو «ستموت فى العشرين» لمخرجه أمجد أبوالعلا.

تشير تقارير إعلامية إلى أن الفيلم سبق أن حصد جوائز عديدة فى مهرجانات سينمائية دولية ومحلية.

وهو مأخوذ عن قصة للأديب السودانى «حمور زيادة» تأخذ نفس العنوان: «ستموت فى العشرين» تدور أحداثها فى قرية الحلة التى يسير فوق ترابها بشر تختلط بداخلهم أوجاع الحياة بأشواق الآخرة، وعبق التاريخ بهزائم الجغرافيا، ومتاهات الفقر وضغوطات الحياة بخيالات الدراويش وأنفاس الصوفية.

تبدأ أحداث الفيلم بصرخة انطلقت من صدر أحد الدراويش حين كان الخليفة -شيخ الطريقة الصوفية- يحنّك الطفل «مزمل» بعد مولده بساعات، حملت الصرخة نبوءة بأن هذا الطفل سيموت فى العشرين من عمره.

قلبت النبوءة حياة القرية كلها، وأصبح مزمل ينادى من أترابه بـ«ولد الموت» ومن الكبار بالمرحوم. عشرون عاماً من العزاء قضتها الأم سكينة والأب النور فى تلقى عبارات المواساة من أهل القرية.

تأرجحت سنوات مراهقة «مزمل» بين الخدمة فى المسجد وحفظ القرآن الكريم على روايتى حفص والدورى، وبين توصيل الطلبات من أحد محلات البقالة المتواضعة إلى الزبائن.

يلتقى «مزمل» بالكهل المتقاعد فى بيته «سليمان»، وهو شخصية أكثر انفتاحاً وأكثر شوقاً إلى الحياة رغم مروق سنوات العمر بين يديه، تعلم من أسفاره العديدة أن العالم ليس مقفولاً على قرية «الحلة» كما يظن أهلها، بل يمتد إلى مساحات أرحب بكثير. كان يتعجب من أمر «مزمل» الذى أراد أن يعيش عشرين عاماً من العبادة حتى يلقى وجه ربه نظيفاً نقياً. رأى أن ذلك لا يليق بعبد أمام رب غفور رحيم، يريد من عباده أن يأتوه وقد خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً.

وينتهى الفيلم باستمرار «مزمل» على مسرح الحياة، وعدوه وراء سيارة نقل متهالكة ليتشبث بها ويهرب من الحلة.

لم تكن المسألة من جانب «سليمان» تحريضاً على الفسق بقدر ما كانت تحريضاً على الحياة.

القيمة الأساسية للقصة والفيلم السينمائى تتحدد فى الإجابة عن السؤال اللغز: لماذا يتخلف الشرقى ويتقدم غيره؟

إنها ثقافة الموت التى تضرب زوايا الحياة لدينا، وثقافة الحياة التى تسكن كل ركن من أركان حياتهم.

العربى أو الشرقى أو المسلم مطارد منذ الميلاد بثقافة تزهده فى الحياة، وتدفعه دفعاً إلى السقوط فى بئر أحزان لا تنتهى.

ثقافة تنظر إلى الفقر والجوع والمرض والظلم كأقدار يقع قبولها فى سياق الإيمان، ويعنى التمرد عليها مروقاً من واحته.

هكذا عاشت قرية الحلة على فكرة عجائبية تحول فيها إنسانها إلى مجرد «عداد» أو «حسابة» تحصى الأيام وتعد السنين فى انتظار اللحظة التى يتساوى فيها جميع البشر، ونسيت فى شرودها وغرقها فى الفكرة الحياة التى أمر الله بعيشها وإعمارها والذوب فى لحظاتها، حتى ولو كانت لحظات سقوط إنسان خلقه الله ضعيفاً فى براثن الخطأ أو الجموح.

الفيلم دعوة لإعادة النظر فى ثقافة الموت التى غلفت حياة الشرقيين بالتخلف والتراجع، وإذكاء ثقافة الحياة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخروج من «الحلة» الخروج من «الحلة»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020

GMT 15:28 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعيين تركي آل الشيخ رئيسًا للاتحاد العربي لكرة القدم

GMT 16:33 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

جلوس صيف 2016 تتألق باللون الرمادي

GMT 17:06 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

لطيفة تطرح كليبها "الأستاذ" برفقة شقيق أمير كرارة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon