بقلم: د. محمود خليل
عدد من نجوم الفن والإعلام ابتلاهم الله بفيروس كورونا. أغلبهم خرج ممتدحاً الرعاية الصحية التى حظى بها، والتدخل العاجل من جانب مسئولى وزارة الصحة، حين بادروا إلى مد يد العون لهم ومساعدتهم فى مواجهة الفيروس اللعين.
ما قامت به «الصحة» فى هذا السياق واجب، ومؤكد أن من يقوم بواجبه يسعد بعبارات الشكر التى توجه إليه من جانب من بذل معهم الجهد، ويرحب بها ترحيباً خاصاً إذا جاءت على لسان نجوم يهتم الناس بأخبارهم.
غالب الناس تهتم بالتصوير مع النجوم. فاللقطة مع النجم تلف وتدور وتعبر جبالاً وبحوراً لتتلقاها كل عين، لكن العقل يقول إن الظرف الذى نعيشه لا يحتمل مطلقاً فكرة «الأداء المعتمد على اللقطة».
بسطاء الناس يقرأون ويسمعون عما حظى به النجوم من رعاية وعناية، فى وقت يعيشون فيه أو يعاينون كَمّ العنت والتعب الذى يقاسيه من شاء الله وابتلاه بالفيروس، حين يرغب فى إجراء مسحة أو تحليل أو أشعة، أو يريد جرعة أوكسجين تنقذ رئتيه، أو يبحث عن مكان له فى مستشفى إذا كانت حالته تتطلب ذلك، بل إن بعضاً ممن تكون حالاتهم بسيطة يمكن رعايتها بالمنزل قد يعانون فى دفع ثمن بروتوكول العلاج، خصوصاً إذا أصيب أكثر من فرد من أفراد الأسرة.
بسطاء الناس الذين نتحدث عنهم قد يكون بينهم مهندسون وأطباء ومعلمون وأساتذة جامعات يعانون من «البلوى» وتشتد حاجتهم إلى يد تعاونهم وقد لا يجدون.
ورغم أن مسئولى الصحة ينصحون البسطاء من المواطنين العاديين بالالتزام بالإجراءات الوقائية ويتهمون من يقصر فيها أو يهملها بقلة الوعى والمساهمة فى تفشى الفيروس، إلا أننا لا نسمع منهم مثل هذه الاتهامات بحق النجوم الذين يحضرون المهرجانات والحفلات وخلافه. لا نسمع من المسئولين سوى كل خير حين يتعلق الأمر بالنجوم.
والأمر لا يقتصر على مسئولى الصحة، بل يمتد إلى المسئولين عن العديد من المؤسسات، ممن أصبحت الكاميرا والتقاط كام صورة ووضعها على مواقع التواصل الاجتماعى سلاحهم الأوحد لـ«البروزة» وإثبات الذات الإدارية.
وكلما زاد الشير واللاف والكومنت على اللقطات التى يظهر فيها المسئول وهو يشرف على الرش أو التطهير أو يعطى أوامره بارتداء الكمامات أحس صاحبها بالرضا عن نفسه، وداخله شعور بأنه «عبقرى زمانه».
أسلوب اللقطة يستفز الناس، خصوصاً إذا جاء فى توقيت غير مناسب. مؤكد أنك سبق وذهبت إلى عيادة أو اصطحبت أحد المرضى إلى عيادة، ولك أن تسترجع حالة الغضب والضجر التى تصيب المرضى حين يجدون أن أحدهم تم تقديمه عليهم فى الدور أو تمييزه فى الرعاية، رغم أن الكل يعانى.
ليست الظروف الحالية التى يعيشها المصريون بالظروف التى يصح أن يلجأ بعض المسئولين فيها لأسلوب اللقطة، مستهدفين بروزة بعض القرارات الساذجة التى اتخذوها.
وفى كل الأحوال علينا أن نستوعب أن الناس جميعاً عُرضة للمرض، كما أن الموت هو نهاية كل حى، لا تمنعه عناية، ولا تحول بينه وبين من انقضى أجله رعاية، ولا تشفع فيه نجومية أو حظوة أو مال أو نفوذ.
إنه أعدل الأشياء قسمة بين الناس.