توقيت القاهرة المحلي 17:58:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرحمة والإحسان

  مصر اليوم -

الرحمة والإحسان

بقلم: د. محمود خليل

معنى شديد الرقى تجده فى تلك الآية الكريمة من سورة يوسف التى تقول: «وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ».

إنه ذلك المعنى الذى يربط ما بين الرحمة والإحسان.

فى أوقات المحنة يكون الإنسان فى أشد الحاجة إلى أن يكسوه الله بكساء الرحمة، بما تحمله من معانى الاطمئنان والسكينة والأمن والأمل فى الخروج من الأنفاق الصعبة التى تقذف الحياة بنى آدم فيها.

سحابات الرحمة ونسمات السكينة ودفء الاطمئنان تجد طريقها بسهولة إلى حياة المحسنين.

نبى الله يوسف عاش محناً وابتلاءات لا يقوى على تحملها سوى أولى العزم من البشر، أحسن فى مواجهتها حين عالجها بالصبر والترفع عن الجزع أو الضجر، لم تدفعه إساءات البشر من حوله -بما فى ذلك من أقرب الناس إليه- إلى التخلى عن أخلاقياته الراسخة، فبادل الإساءة بالإحسان.

كل المواقف التى خاضها يوسف عبر الرحلة تشهد على الإحسان فى القول وفى العمل، كان مجيداً فى التعامل مع أزمة الجفاف التى واجهت البلاد والعباد فى مصر، وصابراً على مرارة السجن حين أُلقى به خلف جدرانه القاسية رغم وضوح أدلة براءته، وذكياً فى تدبير أمره مع إخوته والمحيطين به.

كانت الإجادة والصبر والذكاء فى مواجهة المواقف الصعبة جوهر رحمة الله تعالى بنبيه يوسف، فرحمة الله أقرب ما تكون إلى المحسنين، فرب السماوات والأرض عادل أبداً، ويجازى إحسان الإنسان بإحسان أكبر يتجلى فى صور الرحمة التى تدرك البشر حين تتكاثر عليهم المحن.

«هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ».

صنائع المعروف التى قابل بها نبى الله يوسف ابتلاءات الحياة كانت سراً من الأسرار التى ألبسته ثوب الرحمة، فأنجته من البئر والأسر والسجن والكيد، ووهبته الثبات أمام إغراءات المرأة والمال والسلطة.

الله تعالى يرحم الجميع، فقد خلق سبحانه الإنسان وهو أعلم بطبيعته الضعيفة «وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا»، ونفسه الهلوعة «إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا»، والمتعجلة «خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ»، لكن رحمته أقرب ما تكون إلى مَن يترفع على ضعفه فيقوى فى مواجهة الشدائد، ولا يجزع أمام المحن ويعلم أن كل شىء بيد الله وأن الله على كل شىء قدير، ولا يتعجل النتائج إذا أحسن فى إدارة أمر من الأمور وتأخر حصد النتائج.

نحن أحوج ما نكون إلى استحضار هذه المعانى خلال الأيام الصعبة التى نعيشها، فلا نتعامل بالهلع أو الجزع أو الاهتزاز أمام وباء أو بلاء أو غلاء أو غباء، بل نحن مطالبون باستيعاب حقيقة أن الحياة لا تخلو من مآزق.

العاقل مَن يملك نفسه ويدبر أمره ويحتكم إلى المنطق ويُحسن فى مواجهة كل مأزق، دون أن توقعه الأزمة فى شرَك التخلى عن أخلاقياته، أو تدفع به المحنة إلى الإساءة أو تمنِّى السوء لغيره.

على المحسن أن يتيقن أن رحمة الله تعالى أقرب ما تكون إليه: «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرحمة والإحسان الرحمة والإحسان



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon