بقلم : محمود خليل
رؤيتان اقتصاديتان متناقضتان يطرحهما كل من «ترامب» و«بايدن» فى سباق المنافسة على كرسى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
«ترامب» يتبنى رؤية اقتصادية تقوم على «تخفيض الضرائب». وهو تخفيض سوف تستفيد منه الشركات الكبرى وكبار رجال الأعمال الأمريكيين، بما يؤدى إلى توسع استثمارات هذه الشركات وهؤلاء الأفراد بصورة توفر فرص عمل أفضل للمواطن الأمريكى.
فى المقابل يتبنى «بايدن» سياسة عكسية تقوم على «زيادة الضرائب» على الشركات الكبرى وكبار الأثرياء، بحيث تزيد الحصيلة الضريبية إلى 4 تريليونات دولار، ويعد باستخدام الزيادة فى دعم برامج التعليم والرعاية الصحية وكافة الخدمات الأخرى التى تقدم إلى الطبقة الوسطى.
نحن أمام رئيسين أحدهما يرى أن «الطبقة الثرية» هى رمانة الميزان فى المجتمع، والآخر يرى أن «الطبقة الوسطى» هى الأقدر على الاحتفاظ بالتوازن فى صفوف المجتمع، ويدعم ذلك برامج الرعاية الاجتماعية للفئات الأقل حظاً، مثل المواطنين الأمريكيين ذوى الأصول الأفريقية.
مجتمع الأثرياء فى الولايات المتحدة يشكل كتلة مؤثرة على اتجاهات الناخب الأمريكى، من خلال سيطرته على آلة الإعلام، وتأثيراته المباشرة على كتل لا بأس بها من الناخبين.
«ترامب» شديد الحرص على مغازلة الأثرياء ويعتبر نفسه جزءاً منهم، بحكم أنه واحد من كبار المطورين العقاريين بالولايات المتحدة، لكن الملاحظ أن وسائل الإعلام الأمريكية تتبنى موقفاً سلبياً من «ترامب»، وقد اشتكى من ذلك فى أكثر من مناسبة، لكن يبقى أن «الأثرياء» لم يزل لديهم القدرة على التأثير والتدخل بقوة فى تشكيل المشهد السياسى داخل الولايات المتحدة، ورهان «ترامب» عليهم ومغازلتهم بخفض الضرائب لا يأتى من فراغ.
مجتمع الطبقة الوسطى، خلافاً للأثرياء، يؤثر على المستوى الكمى، ويحدد عدد الأصوات التى تذهب إلى كل مرشح، خصوصاً داخل الولايات المتأرجحة أو غير المسيَّسة.
أغلب أفراد هذه الطبقة عانوا بشدة خلال السنة الأخيرة بسبب تأثيرات تفشى فيروس كورونا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. بعضهم خسر وظائفه، وآخرون توقفت مشروعاتهم الصغيرة، ناهيك عن حالة القلق التى تنتابهم بسبب عجز الإدارة الأمريكية عن السيطرة على «كوفيد 19».
تراقب الطبقة الوسطى أيضاً أداء «ترامب» وأساليب معالجته لتداعيات مقتل عدد من السود على أيدى الشرطة الأمريكية، وتتابع فعاليات حركة «حياة السود مهمة»، وتعبر فى مناسبات عديدة عن خشيتها وقلقها على مستقبل الدولة الأمريكية بسبب المعالجات الخاطئة والنبرة العنصرية التى تظهر فى أداء إدارة «ترامب» على مستوى هذه القضية.
بعض أفراد الطبقة الوسطى بالولايات المتحدة يشعرون بنوع من الخطر على قيم المجتمع الأمريكى وقيم الأسرة الأمريكية، بسبب أجواء العداء، وارتفاع أصوات المتشددين يميناً أو يساراً، فى وقت لم يعد يلتفت فيه البعض إلى «الأصوات الوسطية» التى تمثلها هذه الطبقة.
قد يلعب قطاع من «الأثرياء» لصالح «ترامب»، وقد يلعب قطاع من «الطبقة الوسطى» لصالح «بايدن»، لكن يظل الحسم مرهوناً باللحظة التى سوف يعلن فيها اسم رئيس الولايات المتحدة للسنوات الأربع القادمة.