توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الغزوات» و«الأيام»

  مصر اليوم -

«الغزوات» و«الأيام»

بقلم: د. محمود خليل

مشكلة كبرى يقع فيها البعض حين يحللون الأحداث وما تنعت به من أوصاف بعيداً عن السياق التاريخى الذى وقعت فيه.

دعونا نأخذ نموذجاً على ذلك مما قاله الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، أمام مجلس النواب، حين ذكر أنه لا يوجد فى القرآن الكريم والإسلام ما يسمى «غزوات»، فهو مسمى خاطئ والإسلام سمّاها «أيام» مثل «يوم حنين» كما ذكر بالقرآن، موضحاً أن المسمى يعنى أن الإسلام لم يقُم بالغزو.

بداية هناك توافق على أن وصف «الغزوة» ينطبق فقط على المعارك التى خاضها النبى صلى الله عليه وسلم، أما ما عداها فهى معارك.

وعلى عكس ما قال الدكتور «جمعة» فقد ورد وصف «الغزاة» فى القرآن الكريم فى الآية رقم 156 من سورة آل عمران، ويقول الله فيها: «يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا فى الأرض أو كانوا غُزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا». ويشير القرطبى فى تفسيره إلى أن معنى كلمة «غُزى» هو «غزاة». ولفظ «غزى» جمع مفرده «غاز».

وإذا كان الوزير يستهدف من هذا الطرح تبرئة الإسلام من العنف والاعتداء على الآخرين وأن الحرب فى الإسلام دفاعية بالأساس، وهو ما أتفق معه فيه، فإن وصف «أيام» كنعت لحروب الرسول لا يحمل دلالة على فكرة «الدفاع». والدليل على ذلك أن «يوم حنين» شهد حرباً تأمينية خاضها النبى صلى الله عليه وسلم ضد كل من قبيلتى «هوازن وثقيف».

وبُعد التأمين هذا هو البعد الذى يمكن أن يفسر لنا تحرك النبى لمحاربة قبائل أو أقوام درءاً لمخاطر متوقعة، كما حدث فى معركة «بدر» وكما حدث «يوم حنين».

ومفهوم التأمين هو مفهوم دفاعى بالأساس يتسق مع التوجيه القرآنى: «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين». فالمسلم يقاتل من يقاتله، فإذا غزاه غيره دافع عن أرضه، وإذا ارتأى ولى الأمر أن هناك دواعى تأمينية تستدعى التحرك نحو العدو فعل.

حروب النبى صلى الله عليه وسلم موصوفة بالغزوات فى القرآن الكريم، وقد كانت فى جوهرها حروباً تأمينية، يدافع المسلمون فيها عن أنفسهم ضد غزاة آخرين.

وإذا كان الهدف من نفى وصف «الغزو» أو «الغزاة» عن النبى وأصحابه استغلال الإرهابيين له، واتجاههم إلى نعت أعمالهم الإرهابية بـ«الغزوات»، فإن ذلك لا يبرر نفى وصف قرآنى معتمد عن حروب النبى. فالكل يعلم أن أفعال الجماعات الإرهابية لا تمت إلى الدين بِصِلة، بل تحاول التمحك بالدين من أجل تحقيق أهداف دنيوية.

حروب النبى كان لها ظروفها وسياقاتها الخاصة التى يجب ألا نهدرها، وقد وقعت فى زمان اعتادت فيه القبائل العربية على غزو بعضها البعض.

كما أن الحروب التى خاضها العرب بعد وفاة النبى وقعت فى سياقات محددة يجب ألا ننتزعها منها. فحرب العرب ضد الفرس وكذلك ضد الروم تمت فى واقع تاريخى كان غزو الآخر يشكل جزءاً منه. ولعلك تعلم أن الفرس سيطروا على العراق بالغزو (دولة المناذرة) قبل أن يتحرك العرب فى اتجاههم، وكان الروم يسيطرون على الشام بالغزو (دولة الغساسنة).

أما الإسلام كعقيدة فقد انتشر فى أصقاع الأرض بالحكمة والموعظة الحسنة والقدوة الإنسانية الطيبة.

غزوات النبى كانت دفاعية/تأمينية.. وحروب المسلمين من بعده صلى الله عليه وسلم كانت سياسية ولم تكن دينية. وليس من المنطق أن يطلب البعض من الناس عدم خلط السياسة بالدين، ثم يقع هو نفسه فى الفخ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الغزوات» و«الأيام» «الغزوات» و«الأيام»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon