بقلم: د. محمود خليل
«لم نرصد سوى ظهور من 3 إلى 4 حالات إصابة بفيروس كورونا فى الجامعات منذ بدء الدراسة» هكذا صرح المتحدث باسم وزارة التعليم العالى الدكتور حسام عبدالغفار، نافياً الشائعات التى ترددت حول زيادة عدد الإصابات بالجامعات.
أسر عديدة فى مصر لها طلاب فى الجامعات المصرية، ويسمعون من أبنائهم عن ظهور حالات كورونا فى الجامعات التى يدرسون بها. ومثل هذه الأحاديث قد تكون محلاً للمبالغة والتضخيم وتكوين الشائعات بالفعل.
لكن ماذا تقول وزارة التعليم العالى فيما صرح به الدكتور ماجد نجم رئيس جامعة حلوان، حين نفى -مثل مسئولى التعليم العالى- الأخبار المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعى بأن هناك عشرات الطلاب أصيبوا بالفيروس فى الجامعة، ثم أعطانا معلومة متماسكة اعترف فيها بوجود 70 حالة اشتباه بالفيروس بين الطلاب دون أن توجد إصابة مؤكدة حتى الآن، وأن عيادة كوفيد 19 تقوم بمتابعة الطلاب المعزولين منزلياً بشكل مستمر. أظن أن المتحدث باسم وزارة التعليم العالى يتفق معى أننا أمام معلومة متماسكة جاءت على لسان مصدر مسئول، وليس أمام شائعة، معلومة تقول إن هناك 70 حالة اشتباه بين طلاب جامعة حلوان، وبإذن الله لا تزيد على ذلك، لكنها معلومة توجب الحذر وليس الاستخفاف.
القول بوجود من 3 إلى 4 حالات ما بين أكثر من 3 ملايين طالب جامعى يحتاج التدقيق. فما معنى عبارة «من 3 إلى 4 حالات»؟. الحالات إما 3 أو 4. وأخشى أن أقول إن من يستمع إلى مثل هذا الكلام من طلاب الجامعات سيأخذ أمر كورونا باستخفاف. فالرقم الذى ذكره المتحدث لا يدعو إلى القلق على وجه الإطلاق، خصوصاً أن الـ3 إلى 4 حالات لا تشكل نسبة تذكر بين الملايين الثلاثة أو أكثر ممن يشكلون كتلة طلاب الجامعات.. فهل تلك هى الحقيقة؟
ينظر بعض المسئولين إلى مسألة الإصابة بكورونا على أنها ذنب يستحق المغفرة أو جرم يجب التبرؤ منه. هذا النمط من التفكير يفتقر إلى الموضوعية إذا أخذنا فى الاعتبار أن الفيروس ينتشر بشراسة على مستوى جميع دول العالم المتقدم والنامى.
معدلات الإصابة بكورونا تتصاعد فى الولايات المتحدة الأمريكية حتى تجاوزت 12 مليون إصابة، والوضع كذلك فى أوروبا وشمال أفريقيا وغيرها. نحن إذن لسنا بدعاً. والموقف الحالى لا يحتمل من المسئولين التعامل بالمنهجية المعتادة التى تلخصها عبارة «كله تمام».
هذه المنهجية يمكن أن يكون لها عواقب سلبية فى مثل هذه الأحوال. فإنكار الخطر لا يعنى زواله، بل على العكس يؤدى إلى انتشاره.
التستر على حالة أو حالتين فى مكان قد يؤدى إلى تفشى الفيروس بين عدد أكبر داخل المكان نفسه، لتتولى الحالات المصابة نشره بعد ذلك فى دوائر أوسع.
منهجية «كله تمام» و«نحن جاهزون لأى زيادة فى الإصابات» لا تصلح للتعامل مع هذه الأزمة.
نحن بحاجة إلى مسئولين يملكون القدرة على الشفافية والمصارحة، فالمواجهة الناجحة لا تعرف المراوغة أو المخايلة.