لغط كبير أُثير حول «تعديل قانون الشهر العقارى» فى البند المتعلق بتسجيل الوحدات السكنية والأراضى.
بإمكانك أن تخرج بمؤشرات جيّدة حول رد الفعل على هذا التعديل من مراجعة تعليقات الجمهور على الأخبار ذات الصلة به على أى موقع من مواقع التواصل الاجتماعى.
رد الفعل الشعبى يبدو طبيعياً فى ظل الضغوط المعيشية التى يعانى منها المواطن.
خلال السنوات الأخيرة، ومع تطبيق ما وصفته الحكومات المتعاقبة بـ«إجراءات الإصلاح الاقتصادى»، تحمّل المواطن كثيراً وصبر أكثر.
ارتفاعات هائلة فى أسعار السلع والخدمات، يقابلها بطء فى نمو الدخول والمعاشات، يُضاف إليه ركود فى الأنشطة الاقتصادية داخل بعض المجالات، بصورة عرقلت قدرة المواطن على تحسين دخله بسبب «وقف الحال» الناتج عن الأوضاع التى أفرزتها جائحة كورونا، بالإضافة إلى عوامل أخرى.
لن أقدم مزيداً من الاجتهادات على ما كتبه غيرى حول التوقيت غير المناسب لاتخاذ القرار، أو المبالغ التى فرض القانون على من يريد تسجيل شقته أن يتحمّلها، أو تعقّد الإجراءات الخاصة بالتسجيل.. فكل هذه الأمور مفهومة ومعلومة بالضرورة.
كل ما أريده هو تسجيل بعض الانطباعات على تعليقات القراء على بعض الأخبار ذات الصلة بالموضوع.
أول ما يلفت النظر فى التعليقات التى ظهرت مع الأخبار ذات الصلة بالإجراء القانونى الجديد النبرة العالية والزاعقة التى استخدمها المعلقون، وهى تقول إن منسوب الغضب العام بلغ حداً يستوجب التوقف أمامه.
هناك غضب من وسائل الإعلام تجده حاضراً فى الألفاظ الحادة والخشنة التى وظّفها المعلقون فى وصف بعض الإعلاميين الذين يحاولون تبرير الإجراء وغمز ولمز فى ما يحصّله هؤلاء من مكاسب مقابل القيام بمهمتهم.
هناك غضب أيضاً من أعضاء مجلس النواب السابق الذين وافقوا على هذا القانون، وكذا من أعضاء مجلس النواب الحالى الذين بادر بعضهم إلى الحديث عن أنهم سيُطالبون بتعديل القانون، فى وقت تعلن فيه الشركة القابضة للكهرباء أن التعديل الجديد للقانون سيتم تطبيقه فعلياً بدءاً من يوم 6 مارس الحالى.
هناك غضب من المسئولين الحكوميين الذين تباطأوا فى البداية فى شرح الكلفة المالية والقانونية لتسجيل الوحدات السكنية، ثم خرجوا يؤكدون أن المبالغ المطلوبة ليست كما يشيع البعض، بل تقل عن ذلك.
ثمة أيضاً اتجاه أحادى يسيطر على محتوى التعليقات يرفض أى نوع من التفاهم بشأنها، سواء على مستوى المبلغ الذى يتحمله صاحب الوحدة السكنية مقابل تسجيلها، أو على مستوى الإجراءات القانونية للتسجيل، بمعنى أنك يندر أن تجد شخصاً يؤيد الإجراء أو يتحمل تبعاته، بل تعارضه الأغلبية الكاسحة من المعلقين.
رد الفعل الشعبى على كل من المؤسسة الإعلامية أو النيابية أو الحكومية يقول إن جسور الصلة بين المواطن وهذه المؤسسات الثلاث توشك على الانقطاع، وهو أمر يستحق أن نتنبه إليه.
من المهم بمكان أن تدرس وتفهم المؤسسات التى تتعامل مع البشر كيف يفكر هؤلاء البشر، وأن تأخذ فى الاعتبار ظروفهم وأوضاعهم ورد فعلهم المتوقع على كل إجراء أو قرار يتم اتخاذه، أو اتجاههم نحو أساليب معالجتها للقرارات والإجراءات التى تمس صميم معيشتهم.
الحذر واجب.