بعض حالات الإصابة تبقى فى البيوت لتناول بروتوكول العلاج، وتعزل نفسها، إن توافرت إمكانية لذلك، عن المحيطين بها، وتمكث فى انتظار عفو الله وعافيته.
هناك حالات أخرى حاجتها إلى الرعاية الطبية داخل المستشفيات عاجلة وملحة. وليس ثمة خلاف على أن ارتفاع أرقام الإصابة سوف يؤدى إلى فقد قدرة المستشفيات الحكومية على الاستيعاب.
بعض مَن اضطرتهم الظروف للجوء إلى المستشفيات الخاصة يصرخون من ارتفاع فواتير تكلفة الإقامة والرعاية بها.. والتى تُعد بآلاف الجنيهات فى اليوم الواحد.
تكلفة اليوم تختلف من مستشفى خاص إلى آخر، وأياً كان المبلغ المدفوع فى اليوم فلك أن تحسب إجماليه كيف تشاء بضربه فى 14 يوماً، وهو عدد الأيام المفترض أن يتم فيها عزل المريض واستشفاؤه.
فى الأردن تدخلت الحكومة من أجل كبح جماح طمع المستشفيات الخاصة فى استغلال حاجة مرضى كورونا للاحتجاز، فوضع وزير الصحة سقفاً لتكلفة الإقامة فى غرف الدرجة الثانية وكذلك للإقامة فى الغرف المنفردة، وأصدر رئيس الوزراء الأردنى، أواخر نوفمبر الماضى، تعليمات يفوِّض من خلالها وزارة الصحة سلطة وضع اليد على أى مستشفى كلياً أو جزئياً وتكليف إدارته والعاملين فيه بالاستمرار فى تشغيله لاستقبال المصابين، ويعنى بهذه التعليمات المستشفيات الخاصة.
وزارة الصحة المصرية سبق أن أصدرت أسعاراً محددة لرعاية مرضى كورونا بالمستشفيات الخاصة، بعدها اشتكى بعض المصابين من أن هذه المستشفيات ترفض استقبالهم، لأن الأسعار التى حددتها «الصحة» غير مقنعة بالنسبة لها، وأنها تريد فرض أسعارها السياحية على المريض. وقد نفى المتحدث باسم وزارة الصحة ذلك وأكد التزام هذه المستشفيات بأسعار الحكومة.
التجارب المؤلمة التى يحكيها بعض مرضى كورونا ممن توجهوا إلى المستشفيات الخاصة تقول عكس ذلك، وتؤكد أنها مصرة على استحلاب المريض وأهله حتى آخر جنيه فى جيبهم.
لا أحد يمانع فى أن يتربح ملاك المستشفيات الخاصة، فهى فى الأول والآخر مشروعات استثمارية، ولا بد أن تحقق دخلاً حتى توفر الرعاية المطلوبة، لكن ذلك أمر والطمع فى المزيد من الأرباح أو استغلال الظروف العصيبة التى وضعنا فيها وباء مثل كورونا من أجل مراكمة المال أمر آخر.
واجب على المستشفيات الخاصة أن تكتفى بتحميل المريض فاتورة التكلفة -دون البحث عن أرباح- تقديراً من أصحابها لظروف الجائحة التى لا تفرق بين غنى وفقير أو طفل وشاب وشيخ أو رجل وامرأة.
ثمة نوع من المسئولية يمكن أن نصفها بـ«المسئولية الإنسانية» لا بد أن يلتفت إليها ملاك المستشفيات الخاصة. المسئولية الإنسانية لا بد أن تتقدم فى هذا الظرف على الرغبة فى الربح.
عليهم أن ينظروا إلى أطباء وزارة الصحة الذين تحملوا عبئاً ضخماً طيلة الشهور الماضية، وما زالوا يواصلون العمل دون كلل أو ملل، وربحهم الأكبر دعوة مريض جعل الله هذا الطبيب أو ذاك سبباً فى شفائه.
عليهم أن يتفهموا معنى العدد الكبير من أطباء وزارة الصحة الذين استشهدوا بسبب العدوى وهم يقاومون نهش الفيروس اللعين فى أجساد المرضى.
عليهم أن يستوعبوا أن كورونا لا يفرق بين الإنسان المهم والأقل أهمية، بين الغنى والفقير، بين الوزير والغفير، وأن كل إنسان على سطح الكوكب يرجو -فى مثل هذه الظروف- رحمة الله تعالى، فعليهم أن يرحموا الناس حتى تظللهم رحمة السماء.