بقلم: د. محمود خليل
على مدار عدة أشهر، أصر «دونالد ترامب» رئيس الولايات المتحدة المنتهية ولايته، على وصف فيروس كورونا بـ«الفيروس الصينى»، وأظن أنه يقصد من وراء هذا الوصف دلالة معينة تتجاوز مسألة أن الصين كانت أولى بلاد العالم التى عرفت الفيروس، ومنها انتقل إلى دول العالم الأخرى.
البعض يتبنّى نظرية المؤامرة فى تفسير مسألة ظهور ومسارات تطور «كورونا»، وتستطيع أن تجد شرحاً لوجهة النظر تلك فى الحوار المتميّز الذى أجراه الأستاذ «طارق صلاح» مع الدكتور «أشرف حاتم»، وزير الصحة الأسبق، ونشره موقع «المصرى اليوم». وفيه جهد مهنى يستوجب تحية صاحبه.
يقول الدكتور «حاتم» إن كورونا فيروس قديم كان يصيب الإنسان بنزلة شبيهة بالبرد فى كل شىء، أما الآن فإن تحوّره أصبح قاتلاً، ويستطرد أن أصحاب نظرية المؤامرة يرون أن الفيروس اكتسب 4 صفات لا يمكن لأى فيروس أن يكتسبها إذا ما قُدر له وتحور بشكل عادى، الأولى أنه ينتشر بسرعة فائقة، والثانية أنه يشبه مرض الإيدز، لأنه يخفض المناعة بشكل قوى، والثالثة أنه يؤدى إلى تجلطات فى الدم والرئتين، كما يفعل مرض الإيبولا، أما الصفة الرابعة فتتمثل فى عدم إصابته الرئة فحسب، بل يضرب الجسم كله من أعصاب وجهاز هضمى والكبد وغيرها، وبالتالى يقول أصحاب نظرية المؤامرة إن صفات كورونا مكتسبة قام بها البشر، ليجعلوا منه فيروساً قاتلاً ومدمّراً.
لا يتبنّى الدكتور «حاتم» هذه النظرية بالطبع، لكنه شرحها ضمن حوار مفصّل أجاب فيه عن عدد من الأسئلة المحيّرة حول هذا الفيروس، من ضمنها سؤال المؤامرة.
وظنى أن هذا السؤال هو أكثر الأسئلة المحيرة فى موضوع «كورونا». فكيف لفيروس أن يتحور بهذه السرعة، ويطور نفسه بحيث يحمل أسباب قتل تنهض بها فيروسات أخرى غير فيروس الإنفلونزا، فتجده يفعل فى الجسم فعل فيروس الإيدز وفيروس إيبولا، ولا يكتفى بالإضرار بالجهاز التنفسى، مثل فيروسات الإنفلونزا العادية، بل يتجاوزها إلى الإضرار بكل أجهزة الجسم؟.
وتزداد الحيرة حين تربط ما بين هذا الشرح وإصرار «ترامب» على وصف الفيروس بـ«الصينى».
وتتضاعف الحيرة أكثر وأكثر عندما تتابع أمر انتشار الفيروس بتحوراته وسلالته الجديدة داخل الصين خلال الفترة الحالية. والمعلومات التى تخرج من بكين فى هذا السياق شحيحة للغاية.
فى يناير 2020، نشر موقع «بى بى سى» خبراً يقول إن العلماء فى أستراليا تمكنوا من تخليق فيروس كورونا داخل معاملهم، وذكروا أن هذه الخطوة سوف تساعد فى تشخيص الإصابة بالمرض والعلاج منه. معنى ذلك أن العلماء قادرون على تخليق الفيروسات.
وفى الصين، أعلن مجموعة من العلماء أنهم قاموا بتجربة شبيهة بما قام به علماء أستراليا وقاموا بتخليق فيروس كورونا فى المعامل، لكنهم رفضوا أن يطلع علماء دول أخرى على الفيروس نفسه. ولعلك تذكر ما كان يُكرّره «ترامب» بأن الصين ترفض منح العالم معلومات دقيقة حول فيروس كورونا، وأولى الحالات التى أصيبت به.
الحديث الذى يتبناه أصحاب نظرية المؤامرة لا يوجد أى دليل عليه، لكن التطورات التى عشناها مع الفيروس تمنحه نوعاً من المشروعية.
وحتى يتم حسم هذا الجدل، سوف يظل «كورونا» أكبر ابتلاء عرفته البشرية خلال العقدين الأول والثانى من الألفية الجديدة.