توقيت القاهرة المحلي 12:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثقافة اللقطة

  مصر اليوم -

ثقافة اللقطة

بقلم: د. محمود خليل

مسألة اللقطة كثيراً ما تشغل المصريين، وما أكثر ما تأسر الصور جلسات التصوير تفكيرهم وتملك عليهم أمرهم.

فجّرت مواقع التواصل الاجتماعى الشغف المصرى باللقطة وتداول الصور.. فهذه صورة للشخص وهو يتلقى التهنئة، وتلك صور فرحه، وهذه صور حضوره لمناسبة أو حدث، والأخرى له وهو يقوم، وتلك وهو يقعد، وتلك وهو سارح سرحان المفكرين والفلاسفة وغارق فى تأمل العالم.

خناقات عديدة وجدل مستعر ما أكثر ما يشتعل بين رواد التواصل الاجتماعى حول صور. لعل أخيرها أزمة صور فتاة سقارة التى ظهرت على جمهورها بعد صور الأزمة بصورها وهى ترتدى الحجاب، لتجد ماكينات الكلام والشير والهجوم والدفاع مادة تعمل عليها.

الحالة ليست جديدة، فثقافة اللقطة تعود إلى العصر المملوكى، والشغف بالفرجة لدى المصريين أقدم من ذلك بكثير.

بعد انتصار المماليك على حملة لويس التاسع فى معركة المنصورة أيام نجم الدين أيوب وشجرة الدر، ثم انتصارهم على التتار فى معركة عين جالوت أيام بيبرس البندقدارى عاش الشعب المصرى عقوداً طويلة من الزمن سكتت فيها الأطماع الخارجية عن التوجه نحو مصر.

أيامها صدأت سيوف الحرب المملوكية وتعطلت الحراب، ولم يعد لها من حضور سوى فى الاستعراضات التى دأب المماليك على تنظيمها فى ميدان الرميلة يستعرضون فيها ألعاب السيف والرمح، ويأتون من فوق خيولهم بحركات بهلوانية صعوداً وهبوطاً ووقوفاً ولفاً ودوراناً حول بطون وظهور الخيل.

تشهد كتب التاريخ على أن المماليك كانوا حاذقين فى الاستعراض والحركات، وكانوا يخلبون عقول مشاهديهم من أولاد البلد بمهاراتهم.

دخل أولاد البلد اللعبة وحاولوا هم الآخرون تقليد المماليك فى الإتيان باللقطات المبهرة والمدهشة التى كانت تتحول إلى مادة دسمة للأحاديث المسائية فيما بينهم، وكان الجدل يشتد حين يدافع أحدهم عن «حركة بهلوانية» يراها آخر «عادية» وليس فيها جديد.

شغف المماليك ومن ورائهم «أولاد البلد» باللقطات والحركات كان السبب الرئيسى فى هزيمتهم أمام العسكر التركى فى «مرج دابق»، ومن بعدها فى الريدانية.

حينها كان الترك يستخدمون البنادق والمدافع، بينما كان المماليك والأهالى يرون أن الحرب حركات وكر وفر وخيل وسيف ورمح.

أما شغف المصريين بالفرجة فهو أقدم من ذلك بكثير، وتستطيع القول بأنه يعود إلى العصر الفرعونى. وقد حكى القرآن الكريم احتشاد الناس يوم الزينة للفرجة على التحدى الكبير بين سحرة فرعون ونبى الله موسى عليه السلام.

الشغف بالفرجة هو الرافد الأكبر الذى يغذى مسألة الشغف باللقطة.

ومثلما تضجّر المصريون من غياب استعراضات المماليك وحُرموا من حركاتهم البهلوانية عقب سيطرة العثمانيين على أرضهم، فإنهم يشعرون بالضيق حتى اللحظة عندما يغيب الاستعراض وتختفى اللقطة من حياتهم.

حتى يوم الناس هذا ما زال المصريون يقدّرون الألعاب المعتمدة على اللقطة، فيولعون باللاعب الحريف القادر على المراوغة وترقيص طوب الأرض حتى ولو كان فاشلاً فى إحراز الأهداف، ولا يلتفتون كثيراً إلى اللاعب المنتج الذى يتحرك بخطط واعية للوصول إلى الهدف.

فالشغف باللقطة يفوق ما عداه.. ظروفنا كده!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة اللقطة ثقافة اللقطة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon