توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجماعة.. والإفلاس الفكرى

  مصر اليوم -

الجماعة والإفلاس الفكرى

بقلم : محمود خليل

تعد معركة «بلاط الشهداء» محطة فاصلة فى تاريخ الصراع بين المسلمين وأوروبا. ولو أن النصر تحقق للمسلمين فى هذه المعركة لكانت دول أوروبا اليوم مسلمة مثلها فى ذلك مثل دول شمال أفريقيا المختلفة. قاد «عبدالرحمن الغافقى» هذه المعركة، وبدأها بعبور الجبال الفاصلة بين كل من إسبانيا وفرنسا، وتوغل بجنوده، بعد ذلك، فى الأراضى الفرنسية ليُحقق النصر تلو الآخر، وكان أن أغرى جنوده بحصد الغنائم الناجمة عن انتصاراتهم، فثقلت -بسببها- حركة الجيش، وأبطأ إيقاعه فى السير والعدو والكر والفر. وظهرت نتائج ذلك عندما تواجه مع جيش «كارل مارتل» قائد الفرنجة، فكانت الهزيمة التى سقط على أثرها آلاف الشهداء من جنود المسلمين، وعلى رأسهم القائد «عبدالرحمن الغافقى».

هذه المعركة درس لأى فريق تغريه الانتصارات الأولى فى أى معركة بجمع الغنائم وحصد المكاسب دون تمهّل أو تريث، مما يؤدى إلى تثاقله وبطء إيقاعه فى المعركة التالية. المكسب حلو ولا شك، ولكن له عيباً وحيداً يتمثل فى أن ما تكسبه سوف يشكل حملاً عليك، لأنك تريد أن تحافظ عليه، وألا تفقده بأى صورة من الصور. وعندما تواجه معركة جديدة فإنك تتحرّك فيها بعينين: عين على المكسب المرتقب الذى تحلم بتحقيقه، وعين على المكسب المضمون الذى يوجد فى يديك. وإذا كانت مكاسب يديك عديدة فإنك تنتبه إليها أكثر، لتفقد تركيزك فى مواجهة المعركة الجديدة وتخسر فى النهاية كل شىء. والأولى بصاحب هذه الحال أن يكتفى بما فى يديه، وألا يبحث عن مغنم جديد، رافعاً شعار «عصفور فى اليد خير من عشرة على الشجرة»، أو أن يتعامل كإنسان صاحب قضية لا يبحث عن المغانم، قدر ما يجتهد فى تحقيق الهدف.

كان الإخوان المسلمون أجدر وأحق من غيرهم باستيعاب هذا الدرس، ليكتفوا بما حققوه من مكاسب خلال الأشهر الأولى بعد يناير 2011، ولا يحاولون المغالبة على غيرها، خصوصاً أنهم لا يتمتعون بأى قدرة على إدارة دولاب الدولة، وإدارة دولة بحجم الدولة المصرية ليست سهلة بحال. وقد أثبتت التجربة أن الإخوان جماعة لا تجيد اختيار أو إعداد كوادرها، ومفهوم التربية لديها لا يعنى شيئاً أكثر من تعويد العضو على السمع والطاعة والالتزام بـ«التكليفات». وهو المفهوم الأساسى الذى ترتكن إليه الجماعة، رغم تناقضه الصارخ مع مفهوم الحرية.

ظل الإخوان يعملون بهذه الطريقة أكثر من ثمانين عاماً، حتى ابتلاهم الله وابتلى مصر بصعودهم إلى سدة الحكم، فتشوا -ساعتئذ- فى دولابهم البشرى، لم يجدوا كوادر قادرة على التفكير بشكل مختلف فى زمن مختلف، واكتشف الكثيرون -بسرعة فائقة- ما يعتور كوادر الجماعة على كل المستويات، من ضحالة قدرات، وفقر مواهب، وعدم قدرة على تقديم أى رؤية مبتكرة، أو حلول مبدعة لمشكلاتنا المزمنة، هنالك سارعت الجماعة إلى الأداء بنفس الطريقة -وإن كان بمستوى أقل- التى أدى بها «مبارك» ورجال عهده وحزبه طوال ثلاثين عاماً، وبمرور الوقت أصبح قمة حلم «الإخوان» أن يصلوا بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية فى مصر إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير 2011. وبدا حلمهم فى هذا السياق ترجمة للفكرة التى شرحها «ابن خلدون» حول «ولع الغالب بالمغلوب».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجماعة والإفلاس الفكرى الجماعة والإفلاس الفكرى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon