توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأسرى» يمزقون الكراريس

  مصر اليوم -

«الأسرى» يمزقون الكراريس

بقلم: د. محمود خليل

الاحتفالات الهستيرية التى قام بها طلاب الثانوية العامة هذا العام عقب انتهاء الامتحانات شديدة الدلالة على حال التعليم لدينا.

فيديوهات عديدة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى نقلت جانباً من هذه الاحتفالات، يصور بعضها الطلاب وهم يقذفون بالكتب المدرسية فى الهواء، أو يمزقونها هى والكراريس، طبل وزمر ورقصات جماعية انخرط فيها البنون والبنات للتعبير عن فرحتهم بالخروج من نفق الثانوية، شماريخ تطير فى الهواء، دخان ملون يشهد على حالة البهجة الأكيدة التى يشعر بها الجميع.

من الطبيعى أن يشعر أى تلميذ بالفرح بانتهاء عام دراسى، فالحياة التعليمية لها ضغوطها، وطلاب الثانوية العامة هذا العام عاشوا سنة تعليمية تكاد تكون الأطول فى تاريخ الثانوية العامة، لذا أتى تعبيرهم عن الفرحة مبالغاً فيه.

أظن أن مشاهد الفرح التى تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى بانتهاء امتحانات الثانوية العامة لا يوجد لها مثيل داخل المجتمعات الأخرى، أو كانت تتم بهذا القدر من المبالغة لدى الأجيال السابقة ممن مروا مثل أبناء الجيل الحالى بامتحان الثانوية.

طالب الثانوية العامة يشعر أنه أسير، وبمجرد انتهاء الامتحانات يشعر أنه تحرر من الأسر، لذا من الطبيعى أن يفرح ويصخب ويهلل ويقذف بالكتاب المدرسى -رمز حالة الأسر- فى الهواء، أو يمزقه إرباً.

كل الأجيال مرت بإحساس الأسر وهى تخوض تجربتها فى التعليم، لكن يبقى أن هناك فارقاً بين الأسير المؤمن بقضيته، والأسير الذى لا يرى جدوى فيها أو منها.

الأجيال السابقة عاشت إحساس الأسر خلال رحلتها التعليمية، لكن التعليم وقتها كان قضية تجد من يؤمن بها. فقد كان للعلم قيمة، وكان الأكثر تعليماً أو الأكثر تميزاً على مستوى الدراسة ينعم بنظرة احترام وتبجيل داخل المحيط الذى يعيش فيه، وقتها كان العلم يحتل مرتبة متقدمة على سلم القيم التى يؤمن بها الإنسان المصرى، ويسبق المال من حيث الجدوى والأهمية.

فى أحد مشاهد مسلسل الشهد والدموع، للمبدع الراحل أسامة أنور عكاشة، تقف أستاذة الجامعة ناهد رضوان ابنة الثرى الكبير حافظ رضوان أمام أخيها «سمير» الذى قرر الانخراط فى «يغمة الانفتاح» فى السبعينات، وتقول له: «انت مجرد حيوان طفيلى من حيوانات المادة.. يومينك دول صحيح.. بس بعدهم هتروح فين؟!.. ثروتى بس أنا هى اللى باقية.. العلم.. العلم هو القوة والمال».

تلك كانت نظرة الأجيال السابقة للعلم عند مقارنته بالمال، فهو معراج الارتقاء الإنسانى قبل أى شىء، وهو من بعد معراج الصعود الاجتماعى والاقتصادى.

الأجيال الحالية تنظر إلى العلم والتعليم، وحتى الشهادة، نظرة مختلفة، فهى لا ترى له قيمة كبرى أمام المال، بل ويجد بعض أفراده فى المال سبيلاً للحصول على الشهادات (فالعلم لم يعد مهماً.. المهم الشهادة).

مؤكد أن هناك استثناءات بين السابقين واللاحقين، فقد تجد بين الأجيال السابقة من آمن بالمال أكثر، وقد تجد بين الأجيال الجديدة من يؤمن بالعلم أكثر، لكننا نتحدث عن القاعدة.

لست أقول ذلك فى سياق مدح الأجيال السابقة، ونقد الأجيال الحالية.. فكل جيل وله ظروفه.. وليس من العدل أن نلوم جيلاً ينطق كل ما حوله بتراجع قيمة العلم والتعليم على فرحته بالتحرر من الأسر، ونمدح جيلاً كان كل ما حوله يرسخ بداخله فكرة الإيمان بالقضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأسرى» يمزقون الكراريس «الأسرى» يمزقون الكراريس



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon