توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأسرى» يمزقون الكراريس

  مصر اليوم -

«الأسرى» يمزقون الكراريس

بقلم: د. محمود خليل

الاحتفالات الهستيرية التى قام بها طلاب الثانوية العامة هذا العام عقب انتهاء الامتحانات شديدة الدلالة على حال التعليم لدينا.

فيديوهات عديدة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى نقلت جانباً من هذه الاحتفالات، يصور بعضها الطلاب وهم يقذفون بالكتب المدرسية فى الهواء، أو يمزقونها هى والكراريس، طبل وزمر ورقصات جماعية انخرط فيها البنون والبنات للتعبير عن فرحتهم بالخروج من نفق الثانوية، شماريخ تطير فى الهواء، دخان ملون يشهد على حالة البهجة الأكيدة التى يشعر بها الجميع.

من الطبيعى أن يشعر أى تلميذ بالفرح بانتهاء عام دراسى، فالحياة التعليمية لها ضغوطها، وطلاب الثانوية العامة هذا العام عاشوا سنة تعليمية تكاد تكون الأطول فى تاريخ الثانوية العامة، لذا أتى تعبيرهم عن الفرحة مبالغاً فيه.

أظن أن مشاهد الفرح التى تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى بانتهاء امتحانات الثانوية العامة لا يوجد لها مثيل داخل المجتمعات الأخرى، أو كانت تتم بهذا القدر من المبالغة لدى الأجيال السابقة ممن مروا مثل أبناء الجيل الحالى بامتحان الثانوية.

طالب الثانوية العامة يشعر أنه أسير، وبمجرد انتهاء الامتحانات يشعر أنه تحرر من الأسر، لذا من الطبيعى أن يفرح ويصخب ويهلل ويقذف بالكتاب المدرسى -رمز حالة الأسر- فى الهواء، أو يمزقه إرباً.

كل الأجيال مرت بإحساس الأسر وهى تخوض تجربتها فى التعليم، لكن يبقى أن هناك فارقاً بين الأسير المؤمن بقضيته، والأسير الذى لا يرى جدوى فيها أو منها.

الأجيال السابقة عاشت إحساس الأسر خلال رحلتها التعليمية، لكن التعليم وقتها كان قضية تجد من يؤمن بها. فقد كان للعلم قيمة، وكان الأكثر تعليماً أو الأكثر تميزاً على مستوى الدراسة ينعم بنظرة احترام وتبجيل داخل المحيط الذى يعيش فيه، وقتها كان العلم يحتل مرتبة متقدمة على سلم القيم التى يؤمن بها الإنسان المصرى، ويسبق المال من حيث الجدوى والأهمية.

فى أحد مشاهد مسلسل الشهد والدموع، للمبدع الراحل أسامة أنور عكاشة، تقف أستاذة الجامعة ناهد رضوان ابنة الثرى الكبير حافظ رضوان أمام أخيها «سمير» الذى قرر الانخراط فى «يغمة الانفتاح» فى السبعينات، وتقول له: «انت مجرد حيوان طفيلى من حيوانات المادة.. يومينك دول صحيح.. بس بعدهم هتروح فين؟!.. ثروتى بس أنا هى اللى باقية.. العلم.. العلم هو القوة والمال».

تلك كانت نظرة الأجيال السابقة للعلم عند مقارنته بالمال، فهو معراج الارتقاء الإنسانى قبل أى شىء، وهو من بعد معراج الصعود الاجتماعى والاقتصادى.

الأجيال الحالية تنظر إلى العلم والتعليم، وحتى الشهادة، نظرة مختلفة، فهى لا ترى له قيمة كبرى أمام المال، بل ويجد بعض أفراده فى المال سبيلاً للحصول على الشهادات (فالعلم لم يعد مهماً.. المهم الشهادة).

مؤكد أن هناك استثناءات بين السابقين واللاحقين، فقد تجد بين الأجيال السابقة من آمن بالمال أكثر، وقد تجد بين الأجيال الجديدة من يؤمن بالعلم أكثر، لكننا نتحدث عن القاعدة.

لست أقول ذلك فى سياق مدح الأجيال السابقة، ونقد الأجيال الحالية.. فكل جيل وله ظروفه.. وليس من العدل أن نلوم جيلاً ينطق كل ما حوله بتراجع قيمة العلم والتعليم على فرحته بالتحرر من الأسر، ونمدح جيلاً كان كل ما حوله يرسخ بداخله فكرة الإيمان بالقضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأسرى» يمزقون الكراريس «الأسرى» يمزقون الكراريس



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon